سورة الصف
مدنية في قول الأكثرين، وذكر النحاس عن ابن عباس أنها مكية، وهي أربع عشرة آية ومائتان وإحدى وعشرون كلمة وتسعمائة حرف
﴿بسم الله﴾ الملك الأعظم الذي لا كفء له ﴿الرحمن﴾ الذي عم بفضله كل أحد من خلقه ﴿الرحيم﴾ الذي خص من شاء من عباده فهيأه لعبادته وأهله.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٨٩
﴿سبح لله﴾ أي : أوقع التنزيه الأعظم للملك الأعظم ﴿ما في السموات﴾ من جميع الملائكة وغيرها كالأفلاك والنجوم ﴿وما في الأرض﴾ كذلك من الآدميين وغيرهم كالشجر والثمار. وقيل : اللام مزيدة، أي : نزه الله وأتى بما دون من، قال الجلال المحلي : تغليباً للأكثر.
فإن قيل : ما الحكمة في انه تعالى قال في بعض السور سبح لله بلفظ الماضي، وفي بعضها يسبح بلفظ المضارع، وفي بعضها فسبح بلفظ الأمر ؟
أجيب : بأن الحكمة في ذلك تعليم العبد أن يسبح الله تعالى على الدوام كما أن الماضي يدل عليه في الماضي من الزمان، والمستقبل يدل عليه في المستقبل من الزمان، والأمر يدل عليه في الحال فإن قيل : هلا قيل سبح لله السموات والأرض وما فيهما، وهو أكثر مبالغة أجيب : بأن المراد بالسماء جهة العلو فيشمل السماء وما فيها، وبالأرض جهة السفل فيشمل الأرض وما فيها ﴿وهو﴾ أي : وحده ﴿العزيز﴾ أي : الغالب على غيره أي شىء كان ذلك الغير، ولا يمكن أن يغلب عليه غيره ﴿الحكيم﴾ أي : الذي يضع الأشياء في أتقن مواضعها. روى الدرامي في مسنده قال : أنبأنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال : قعدنا مع نفر من أصحاب رسول الله ﷺ فتذاكرنا، فقلنا : لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله تعالى لعملناه، فأنزل الله تعالى :﴿سبح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم﴾
٢٩٠
﴿يأيها الذين آمنوا﴾ أي : ادّعوا الإيمان ﴿لم تقولون ما لا تفعلون﴾ حتى ختمها. قال عبد الله :"فقرأها علينا رسول الله ﷺ حتى ختمها، قال أبو سلمة : قرأها علينا عبد الله بن سلام حتى ختمها، قال يحيى فقرأها علينا أبو سلمة فقرأها علينا أبو يحيى، فقرأها علينا الأوزاعي، فقرأها علينا محمد فقرأها علينا الدرامي. انتهى. ولي بقراءتها سند متصل إلى النبي ﷺ. وقال عبد الله بن عباس : قال عبد الله بن رواحة : لو علمنا أحب الأعمال إلى الله تعالى لعملناه فلما نزل الجهاد كرهوه. وقال الكلبي : قال المؤمنون : يا رسول الله لو علمنا أحب الأعمال إلى الله تعالى لسارعنا إليه فنزل ﴿هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم﴾ فمكثوا زماناً يقولون : لو نعلمها لاشتريناها بالأموال والأنفس والأهلين، فدلهم الله تعالى عليها بقوله تعالى :﴿تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله﴾ (الصف : ١١)
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٩٠
الآية، فابتلوا يوم أحد ففروا فنزلت الآية تعييراً لهم بترك الوفاء. وقال محمد بن كعب : لما أخبر الله تعالى نبيه ﷺ بثواب شهداء بدر.