سورة المائدة
مدنية وآياتها عشرون ومائة آية
بين يدي السورة
* سورة المائدة من السورة المدنية الطويلة، وقد تناولت كسائر السور المدنية جانب التشريع بإسهاب، مثل سورة البقرة، والنساء، والأنفال، إلى جانب موضوع العقيدة، وقصص أهل الكتاب، قال أبو ميسرة : المائدة من آخر ما نزل من القرآن، ليس فيها منسوخ وفيها ثمان عشرة فريضة.
* نزلت هذه السورة منصرف رسول الله (ص) من الحديبية، وجماعها يتناول الأحكام الشرعية، لأن الدولة الإسلامية كانت في بداية تكوينها، وهي بحاجة إلى (المنهج الرباني) الذي يعصمها من الزلل، ويرسم لها طريق البناء والاستقرار.
* أما الأحكام التى تناولتها السورة فنلخصها فيما يلي :(أحكام العقود، الذبائح، الصيد، الإحرام، نكاح الكتابيات، الردة، أحكام الطهارة، حد السرقة، حد البغي، والإفساد في الأرض، أحكام الخمر والميسر، كفارة اليمين، قتل الصيد في الإحرام، الوصية عند الموت، البحيرة والسائبة، الحكم على من ترك العمل بشريعة الله) إلى آخر ما هنالك من الأحكام التشريعية.
* وإلى جانب التشريع قص تعالى علينا في هذه السورة، بعض القصص للعظة والعبرة، فذكر قصة بني إسرائيل مع موسى، وهى قصة ترمز إلى التمرد والطغيان، ممثلة في هذه الشرذمة الباغية من " اليهود " حين قالوا لرسولهم [ اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ] وما حصل لهم من التشرد والضياع، إذ وقعوا في أرض التيه أربعين سنة [ قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض.. ]
* ثم قصة ابني آدم وهي قصة ترمز إلى الصراع العنيف بين قوتي الخير والشر، ممثلة في قصة (قابيل وهابيل) حيث قتل قابيل أخاه هابيل، وكانت أول جريمة نكراء تحدث في الأرض، أريق فيها الدم البريء الطاهر، والقصة تعرض لنموذجين من نماذج البشرية : نموذج النفس الشريرة الأثيمة، ونموذج النفس الخيرة الكريمة [ فسولت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين ].
* كما ذكرت السورة قصة " المائدة " التي كانت معجزة لعيسى ابن مريم ظهرت على يديه أمام الحواريين، والسورة الكريمة تعرض أيضا لمناقشة " اليهود والنصارى " في عقائدهم الزائفة، حيث نسبوا إلى الله ما لا يليق من الذرية والبنين، ونقضوا العهود والمواثيق، وحرفوا التوراة والإنجيل، وكفروا برسالة محمد عليه السلام، إلى آخر ما هنالك من ضلالات وأباطيل، وقد ختمت السورة الكريمة بالموقف الرهيب يوم الحشر الأكبر حيث يدعى السيد المسيح " عيسى ابن مريم " على رءوس الأشهاد، ويسأله ربه تبكيتاً للنصارى الذين عبدوه من دون الله [ أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ؟ قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ] ويا له من موقف مخز لأعداء الله، تشيب لهوله الرءوس، وتتفطر من فزعه النفوس!!.
فضلها :
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال :" أنزلت على رسول الله (ص) سورة المائدة وهو راكب على راحلته، فلم تستطع أن تحمله فنزل عنها ".
التسمية :
سميت سورة " المائدة " لورود ذكر المائدة فيها، حيث طلب الحواريون من عيسى عليه السلام، آية تدل على صدق نبوته، وتكون لهم عيداً وقصتها أعجب ما ذكر فيها، لاشتمالها على آيات كثيرة، ولطف عظيم من الله العلي الكبير.
التفسير
قال الله تعالى :[ يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود.. إلى.. أولئك أصحاب الجحيم ] من آية (١) إلى نهاية آية (١٠).
اللغة :
[ العقود ] أصل العقد في اللغة : الربط تقول عقدت الحبل بالحبل، ثم استعير للمعاني، قال الزمخشري : العقد العهد الموثق، شبه بعقد الحبل، قال الحطيئة :
قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم شدوا العناج وشدوا فوقه الكربا


الصفحة التالية
Icon