سورة المؤمنون
من السور المكية وآياتها ثماني عشرة ومائة آية
بين يدي السورة
* سورة " المؤمنون " من السور المكية التي تعالج أصول الدين من (التوحيد والرسالة، والبعث ) سميت بهذا الإسم الجليل " المؤمنون " تخليدا لهم وإشادةً بمآثرهم وفضائلهم الكريمة، التي استحقوا بها ميراث الفردوس الأعلى في جنات النعيم.
* عرضت السورة الكريمة لدلائل القدرة والوحدانية، مصورة في هذا الكون العجيب، في (الإنسان، والحيوان، والنبات، ثم في خلق السموات البديعة ذات الطرائق، وفي الآيات الكونية المنبثة فيما يشاهده الناس في العالم المنظور، من أنواع النخيل والأعناب، والزيتون والرمان، والفواكه والثمار، والسفن الكبيرة التي تمحر عباب البحار) وغير ذلك من الآيات الكونية الدالة على وجود الله جل وعلا.
* وقد عرضت السورة لقصص بعض الأنبياء، تسلية لرسول الله(ص)، عما يلقاه من أذى المشركين، فذكرت قصة نوح، ثم قصة هود، ثم قصة موسى، ثم قصة مريم البتول وولدها عيسى، ثم عرضت لكفار مكة وعنادهم ومكابرتهم للحق بعدما سطع سطوع الشمس في رابعة النهار، وأقامت الحجج والبراهين على البعث والنشور، وهو المحور الذي تدور عليه السورة، وأهم ما يجادل فيه المبطلون، فقصمت ببيانها الساطع ظهر الباطل.
* وتحدثت السورة عن الأهوال والشدائد التي يلقاها الكفار وقت الإحتضار، وهم في سكرات الموت، وقد تمنوا العودة إلى الدنيا ليتداركوا ما فاتهم من صالح العمل، ولكن هيهات فقد انتهى الأجل، وضاع الأمل.
* وختمت السورة بالحديث عن يوم القيامة حيث ينقسم الناس إلى فريقين : سعداء، وأشقياء، وينقطع الحسب والنسب، فلا ينفع إلا الإيمان والعمل الصالح، وسجلت المحاورة بين المَلِكِ الجبار، وبين أهل النار وهم يصطرخون فيها فلا يغاثون ولا يجابون ! !
قال الله تعالى :[ قد أفلح المؤمنون.. ] إلى قوله [ وعليها وعلى الفلك تحملون ]. من آية ( ١ ) إلى نهاية آية ( ٢٢).
اللغة :
[ سلالة ] السلالة : الخلاصة مشتقة من السل وهو استخراج الشيء من الشيء، تقول سللت الشعر من العجين، والسيف من الغمد، قال أمية : خَلَق البَرِيةَ من سُلالة مُنتِن وإلى السلالة كلها ستعود ويقال : الولد سلالة أبيه، لأنه أنسل من ظهر أبيه
[ مكين ] ثابت راسخ تقول : هذا شيء مكين أي متمكن في الثبوت والرسوخ
[ طرائق ] جمع طريقة والمراد بالطرائق السموات السبع، سميت بذلك لكون بعضها فوق بعض، ومنه قولهم : طَارق النعل إذا جعل إحداهما على الآخرى
[ صبغ ] الصبغ : الإدام وأصله الصباغ وهو الذي يلون به الثوب، قال الهروي : كل إدام يؤتدم به فهو صبغ
[ الأنعام ] الحيوانا ت ا لمأكولة ( الإبل، والبقر، والغنم )
[ عبرة ] عظة
[ الفُلك ] السفن التي تجري في البحر، يطلق على الجمع وعلى المفرد، قال تعالى
[ حتى إذا كنتم في الفُلك ] أي فوق ظهر السفينة.
التفسير :
[ قد أفلح المؤمنون ] أي حقا واللهِ لقد فاز وسَعِد، وحصل على البغية والمطلوب، المؤمنون المتصفون بهذه الأوصاف الجليلة، و[ قد ] للتأكيد والتحقيق فكأنه يقول : لقد تحقق ظفرهم ونجاحهم بسبب الإيمان والعمل الصالح، ثم عدد تعالى مناقبهم فقال سبحانه :
[ الذين هم في صلاتهم خاشعون ] قال ابن عباس :[ خاشعون ] أي خائفون ساكنون أي هم خائفون متذللون قي صلاتهم لجلال الله وعظمته، لاستيلاء الهيبة على قلوبهم
[ والذين هم عن اللغو معرضون ] أي عن الكذب والشتم والهزل، قال ابن كثير : اللغو : الباطل، وهو يشمل الشرك، والمعاصي، وما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال
[ والذين هم للزكاة فاعلون ] أي يؤدون زكاة أموالهم للفقراء والمساكين، طيبة بها نفوسهم، طلبا لرضى الله


الصفحة التالية
Icon