سورة الصف
مدنية وآياتها أربع عشرة آية
بين يدي السورة
* سورة الصف هي إحدى السور المدنية، التي تعنى بالأحكام التشريعية، وهذه السورة تتحدث عن موضوع (القتال ) وجهاد أعداء الله، والتضحية في سبيل الله، لإعزاز دينه، وإعلاء كلمته، وعن التجارة الرابحة التي بها سعادة المؤمن في الدنيا والآخرة، ولكن المحور الذي تدور عليه السورة هو (القتال والجهاد لإعلاء كلمة الله ) ولهذا سميت سورة الصف، لأن المراد به اصطفاف المجاهدين للحرب.
* ابتدأت السورة الكريمة - بعد تسبيح الله وتمجيده - بتحذير المؤمنين من إخلاف الوعد، وعدم الوفاء بما التزموا به [ سبح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ] ؟.
* ثم تحدثت عن قتال أعداء الله بشجاعة المؤمن وبسالته، لأنه يقاتل من أجل غرض نبيل، وهو رفع منار الحق، وإعلاء كلمة الله [ إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ].
* وتناولت السورة بعد ذلك موقف اليهود من دعوة (موسى وعيسى) عليهما السلام، وما أاصابهما من الأذى في سبيل الله، وذلك تسلية لرسول الله (ص)فيما ناله من كفار مكة [ وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني.. ] الآيات.
* وتحدثت السورة عن سنة الله في نصرة دينه، وأنبيائه، وأوليائه، وضربت المثل للمشركين في عزمهم على محاربة دين الله، بمن يريد إطفاء نور الشمس بفمه الصغير الحقير [ يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره ولو كره الكافرون ].
* ودعت السورة المؤمنين إلى التجارة الرابحة، وحرضتهم على الجهاد في سبيل الله، بالنفس والنفيس، لينالوا السعادة الدائمة الكبيرة، مع النصرة العاجلة في الدنيا، وخاطبتهم بأسلوب الترغيب والتشويق [ يا أيها الذبن آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ؟ تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله.. ] الآيات.
* وختمت السورة بدعوة أهل الإيمان إلى نصرة (دين الرحمن )، كما فعل الحواريون أصحاب عيسى، حين دعاهم إلى نصرة دين الله، فاستجابوا ونصروا الحق والرسول [ يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين ]. وهكذا يتناسق البدء مع الختام فى أبدع بيان وإحكام.
قال الله تعالى :[ سبح لله ما في السموات وما في الأرض.. ] إلى قوله [ ولو كره المشركون ]. من آية (١) إلى نهاية آية (٩).
اللغة :
[ سبح ] التسبيح تمجيد الله، وتنزيهه عما لا يليق به من صفات النقص
[ العزيز ] الغالب الذي لا يغلب
[ الحكيم ] الذي يضع الأشياء في مواضعها ويفعل ما تقتضيه الحكمة
[ مقتا ] بغضا، قال الزمخشري : المقت أشد البغض وأبلغه وأفحشه و
[ المرصوص ] المتماسك المتلاصق بعضه ببعض قال الفراء : رصصت البناء إذا لائمت بينه وقاربت حتى يصير كقطعة واحدة
[ زاغوا ] مالوا عن الهدى والحق
[ البينات ] المعجزات الواضحات.
سبب النزول :
روي أن المسلمين قالوا : لو علمنا أحب الأعمال إلى الله تعالى لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا!! فلما فرض الله الجهاد كرهه بعضهم فأنزل الله [ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ].
التفسير :
[ سبح لله ما في السموات وما في الأرض ] أي نزه الله وقدسه ومجده، جميع ما في السموات والأرض، من ملك، وإنسان، ونبات، وجماد [ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ] قال الإمام الفخر : أي شهد له بالربوبية والوحدانية وغيرهما من الصفات الحميدة جميع ما في السموات والأرض