سورة النبأ
مكية واياتها أربعون اية
بين يدي السورة
سورة عم مكية وتسمى [ سورة النبأ ] لأن فيها الخبر الهام عن القيامة والبعث والنشور، ومحور السورة يدور حول إثبات عقيدة البعث " التى طالما انكرها المشركون، وكذبوا بوقوعها، وزعموا أن لا بعث، ولا جزاء ولا حساب ! !.
* ابتدات السورة الكريمة بالإخبار عن موضوع القيامة، والبعث والجزاء، هذا الموضوع الذي شغل أذهان الكثيرين من كفار مكة، حتى صاروا فيه ما بين مصدق ومكذب [ عم يتساءلون، عن النبأ العظيم.. ] الايات.
* ثم أقامت الدلائل والبراهين على قدرة رب العالمين، فان الذي يقدر على خلق العجائب والبدائع، لا يعجزه إعادة خلق الإنسان بعد فنائه [ الم نجعل الأرض مهادا، والجبال اوتادا، وخلقناكم أزواجا، وجعلنا نومكم سباتا ] الايات.
* ثم اعقبت ذلك بذكر البعث، وحددت وقته وميعاده، وهو يوم الفصل بين العباد، حيث يجمع الله الأولين والاخرين للحساب [ إن يوم الفصل كان ميقاتا، يوم ينفخ في الصور فتأتون افواجا.. ] الايات.
* ثم تحدثت عن جهنم التي اعدها الله للكافرين، وما فيها من الوان العذاب المهين [ ان جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا لابثين فيها احقابا ] الايات.
* وبعد الحديث عن الكافرين، تحدثت عن المتقين، وما اعد الله تعالى لهم من ضروب النعيم، على طريقة القران في الجمع بين (الترهيب والترغيب ) [ إن للمتقين مفازا، حدائق وأعنابا، وكواعب أترابا، وكأسا دهاقا ] الايات.
* وختمت السورة الكريمة بالحديث عن هول يوم القيامة، حيث يتمنى الكافر أن يكون ترابا فلا يحشر ولا يحاسب [ إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا ].
اللغة :
[ سباتا ] السبت في اللغة : القطع، سمي الليل سباتا لأنه يقطع العمل والحركة.
[ وهاجا ] الوهاج : المتقد المتلألىء من قولهم : وهجت النار إذا أضاءت.
[ ثجاجا ] شديد الأنصباب يقال : ثج إذا سال بكثرة وفي الحديث " أفضل الحج : العج والثج " العج : رفع الصوت بالتلبية، والثج : إراقة الدماء وذبح الهدايا.
[ كواعب ] جمع كاعب وهي التي برز نهدها مع ارتفاع يسير.
[ دهاقا ] مملوءة يقال : أدهقت الكأس أي ملأتها قال الشاعر " أتانا عامر يبغي قرانا فأترعنا له كأسا دهاقا ".
التفسير :
[ عم يتسآءلون ] ؟ أي عن أي شيء يسأل هؤلاء الجاحدون بعضهم بعضا ؟ وأصل [ عم ] عن ما، أدغمت الميم في النون وحذفت الف [ ما ] الاستفهامية، وليس المراد هنا مجرد الاستفهام وإنما المراد تفخيم الأمر وتعظيمه، وقد كان المشركون يتساءلون عن البعث فيما بينهم، ويخوضون فيه إنكارا واستهزاء فجاء اللفظ بصيغة الاستفهام للتفخيم والتهويل وتعجيب السامعين من أمر المشركين، ثم ذكر تعالى ذلك الأمر الخطير فقال
[ عن النبإ العظيم ] أي يتساءلون عن الخبر العظيم الهام وهو أمر البعث (( هذا هو الراجح أن المراد بالنبأ العظيم أمر البعث لأنه ذكر بعده دلائل القدرة على إمكان البعث من قوله :﴿ألم نجعل الأرض مهادا.. ﴾ إلخ وذكر منها تسعة أمور، وقيل المراد بالنبأ القرآن أو النبوة وما ذكرناه هو الراجح وهو اختيار العلامة أبي السعود )).
[ الذي هم فيه مختلفون ] أي الذي اختلفوا فيه ما بين شاك في وقوعه، ومكذب منكر لحصوله
[ كلا سيعلمون ] ردع وزجر أي ليرتدع أولئك المكذبون عن التساؤل عن البعث، فيسعلمون حقيقة الحال، حيث يرون البعث أمرا واقعا، ويرون عاقبة استهزائهم