سورة الزلزلة
مدنية وآياتها ثمان
بين يدي السورة
* سورة الزلزلة مدنية، وهي في أسلوبها تشبه السور المكية، لما فيها من أهوال وشدائد يوم الفيامة، وهي هنا تتحدث عن الزلزال العنيف الذي يكون بين يدي الساعة، حيث يندك كل صرح شامخ، وينهار كل جبل راسخ، ويحصل من الأمور العجيبة الغريبة، ما يندهش له الإنسان، كإخراج الأرض ما فيها من موتى، وإلقائها ما في بطنها، من كنوز ثمينة من ذهب وفضة، وشهادتها على كل إنسان بما عمل على ظهرها، تقول : عملت يوم كذا، كذا وكذا، وكل هذا من عجائب ذلك اليوم الرهيب، كما تتحدث عن إنصراف الخلائق من أرض المحشر، إلى الجنة أو النار، وإنقسامهم إلى فريقين ما بين شفي وسعيد [ فريق في الجنة، وفريق في السعير ].
اللغه :
[ زلزلت ] حركت تحريكا عنيفا
[ أثقالها ] الموتى الذين في جوفها، جمع ثقل وهو الشيء الثفيل ومنه
[ تحمل أثقالكم ] قال الأخفش : إذا كان الميت في بطن الأرض فهو ثقل لها، وإن كان فوقها فهو ثقل عليها
[ يصدر ] ينصرف ويخرج، والصدور ضد الورود، فالوارد الآتي، والصادر المنصرف
[ أشتاتا ] متفرفين جمع شت يقال : ذهبوا أشتاتا أي متفرفين، قال تعالى :[ ليس عليكم أن تكلوا جميعا أو أشتاتا ].
التفسير :
[ إذا زلزلت الأرض زلزالها ] أي إذا حركت ا لأرض تحريكا عنيفا، وإضطربت إضطرابا شديدا، وإهتزت بمن عليها، إهتزازا يقطع القلوب ويفزع الألباب، كقوله تعالي [ اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ] قال المفسرون : إنما أضاف الزلزلة إليها [ زلزالها ] تهويلا لأمرها، كأنه يقول : الزلزلة التي تليق بها على عظم جرمها، وذلك عند فيام الساعة، تتزلزل وتتحرك تحريكا متتابعا، وتضطرب بمن عليها، ولا تسكن حتى تلفي ما على ظهرها من جبل وشجر، وبناء وقلاع
[ وأخرجت الأرض أثقالها ] أي وأخرجت الأرض ما في بطنها من الكنوز والموتى، قال ابن عباس : أخرجت موتاها وقال منذر بن سعيد : أخرجت كنوزها وموتاها وفي الحديث (تلفي الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوانة من الذهب والفضة، فيجيء القاتل فيقول : في هذا قتلت، ويجيء القاطع فيقول : في هذا قطعت رحمي، ويجىء السارق فيقول : في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا)
[ وقال الإنسان ما لها ] ؟ أي وقال الإنسان : ما للأرض تزلزلت هذه الزلزلة العظيمة، ولفظت ما في بطنها ؟ ! يقول ذلك دهشة وتعجبا من تلك الحالة الفظيعة
[ يومئذ تحدث أخبارها ] أى في ذلك اليوم العصيب - يوم الفيامة تتحدث الأرض وتخبر بما عمل عليها من خير أو شر، وتشهد على كل إنسان بما صنع على ظهرها، عن أبي هريرة قال : قرأ رسول الله (ص) [ يومئذ تحدث أخبارها ] فقال :(أتدرون ما أخبارها ؟ قالوا : الهر ورسولة أعلم، قال : فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول عمل يوم كذا، كذا وكذا، فهذه أخبارها) وفي الحديث (تحفظوا من الأرض فإنها أمكم، وإنه ليس من أحد عامل عليها خيرا أو شرا، إلا وهي مخبرة به )
[ بأن ربك أوحى لها ] أي ذلك الإخبار بأنبائها، بسبب أن الله جلت عظمته أمرها بذلك، وأذن لها أن تنطق بكل ما حدث وجرى عليها، فهي تشكو العاصي وتشهد عليه، وتشكر المطيع وتثني عليه، ولا عجب في ذلك، فالله على كل شيء قدير
[ يومئذ يصدر الناس أشتاتا ] أي في ذلك اليوم يرجع الخلائق من موقف الحساب، وينصرفون متفرفين فرقا فرقا، فاخذ ذات اليمين إلى الجنة، وأخذ ذات الشمال إلى النار
[ ليروا أعمالهم ] اي لينالوا جزاء أعمالهم، من خير أو شر


الصفحة التالية
Icon