سورة العاديات
مكية وأياتها إحدى عشرة أية
بين يدي السورة
* سورة العاديات مكية، وهي تتحدث عن خيل المجاهدين في سبيل الله، حين تغير على الأعداء، فيسمع لها عند عدوها بسرعة صوت شديد، وتقدح بحوافرها الحجارة فيتطأير منها النار، وتثير التراب والغبار
* وقد بدأت السورة الكريمة، بالقسم بخيل الغزاة - إظهارا لشرفها وفضلها عند الله - على أن الإنسان كفور لنعمة الله تعالى عليه، جحود لآلائه وفيوض نعمائه، وهو معلن لهذا الكفران والجحود، بلسان حاله ومقاله، كما تحدثت عن طبيعة الإنسان وحبه الشديد للمال
* وختمت السورة الكريمة ببيان أن مرجع الخلائق إلى الله للحساب والجزاء، ولا ينفع في الآخرة مال ولا جاه، وإنما ينفع الأيمان والعمل الصالح
اللغة :
[ ضبحا ] الضبح : صوت أنفاس الخيل إذا عدت، قال عنترة : والخيل تكدح حين تضبح في حياض الموت ضبحا
[ أثرن ] هيجن
[ نقعا ] النقع : الغبار
[ كنود ] كفور جحود لنعمة الله، من كند النعمة إذا كفرها ولم يشكرها، قال الشاعر : كنود لنعماء الرجال ومن يكن كنودا لنعماء الرجال يبعد) بعثر ] أثير وقلب، من بعثرت المتاع إذا جعلت أسفله أعلاه.
التفسير :
[ والعاديات ضبحا ] أي أقسم بخيل المجاهدين المسرعات في الكر على العدو، يسمع لأنفاسها صوت جهير هو الضبح، قال ابن عباس : الخيل إذا عدت قالت : أخ، أخ فذلك ضبحها، قال أبو السعود : أقسم سبحانه بخيل الغزاة التي تعدو نحو العدوه وتضبح ضبحا وهو صوت أنفاسها عند عدوها
[ فالموريات قدحا ] أي فالخيل التي تخرج شرر النار من الأرض بوقع حوافرها على الحجارة، من شدة الجري
[ فالمغيرات صبحا ] أي فالخيل التي تغير على العدو وقت الصباح قبل طلوع الشمس، قال الألوسي : هذا هو المعتاد في الغارات، كانوا يعدون ليلا لئلا يشعر بهم العدو، ويهجمون صباحا ليروا ما يأتون وما يذرون
[ فأثرن به نقعا ] أي فأثارت الخيل الغبار الكثيف لشدة العدو، في الموضع الذي أثرن به
[ فوسطن به جمعا ] أي فتوسطن به جموع الأعداء، وأصبحن وسط المعركة.. أقسم سبحانه وتعالى بأقسام ثلاثة على أمور ثلاثة، تعظيما للمقسم به، وهو خيل المجاهدين، في سبيل الله، التي تسرع على أعداء الله، وتقدح النار بحوافرها، وتغير على الأعداء وقت الصباح، فتثير الغبار، وتتوسط العدو فتصيبه بالرعب والفزع ! ! أما الأمور التي أقسم عليها، فهي قوله
[ إن الأنسان لربه لكنود ] أي إن الإنسان لجاحد لنعم ربه، شديد الكفران، قال ابن عباس : جاحد لنعم الله، وقال الحسن : يذكر المصائب، وينسى النعم )
[ وإنه على ذلك لشهيد ] أي وإن الإنسان لشاهد على كنوده، لا بقدر أن يجحده لظهورأ عليه
[ وأنه لحب الخير لشديد ] المراد بالخير هنا : المال، أي إنه لشديد الحب للمال، حريص على جمعه، وهو لحب عبادة الله وشكر نعمه، ضعيف متقاعس.. ثم بعد أن عدد عليه قبائح أفعاله، خوفه فقال سبحانه
[ أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور ] أي أفلا يعلم هذا الجاهل، إذا أثير ما في القبور وأخرج ما فيها من الأموات
[ وحصل ما في الصدور ] أي وجمع وأبرز ما في الصدور، من الأسرار والخفايا التي كانوا يسرونها
[ إن ربهم بهم يومئذ لخبير ] أي إن ربهم لعالم بجميع ما كانوا يصنعون، ومجازيهم عليه أوفر الجزاء، وإنما خص علمه بهم في ذلك اليوم - يوم القيامة - لأنه يوم الجزاء، بقصد الوعيد والتهديد، فهو تعالى عالم بهم في ذلك اليوم وغيره.
البلاغة :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البديع والبيان نوجزها فيما يلي :
١-التأكيد بإن واللام في مواضعم [ إن الإنسان لربه لكنود ] [ وإنه لحب الخير لشديد ] [ إن ربهم بهم يومئذ لخبير ] زيادة في التقرير والبيان.