و يبين الباقلاني فضل نظم القرآن على الكلام العادي فيدعو واحدا الى التقليد فلا يصل الى شي ء ويقر بالعجز أمام لفظ القرآن ونظمه ويستطرد في تحليل السورة فيقول « متى تهيأ للآدمي أن يقول في وصف كتاب سليمان عليه السلام بعد ذكر العنوان والتسمية هذه الكلمة العالية الشريفة « ألّا تعلوا علي وأتوني مسلمين » والخلوص من ذلك إلى ما صارت اليه من التدبير واشتغلت به من المشورة ومن تعظيمها أمر المستشار ومن تعظيمهم أمرها وطاعتها بتلك الألفاظ البديعة والكلمات العجيبة ثم كلامها بعد ذلك لتعلم تمكن قولها :
« يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون » وذكر قولهم :« قالوا نحن أولو قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين » لا تجد في صفتهم أنفسهم أبدع مما وصفهم به وقوله « الأمر إليك » تعلم براعته بنفسه وعجيب معناه وموضع إتقانه في هذا الكلام، وتمكن الفاصلة وملاءمتها لما قبلها وذلك قوله :
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٢٧٥
« فانظري ماذا تأمرين » ثم الى هذا الاختصار والى البيان مع الإعجاز فإن الكلام قد يفسده الاختصار ويعميه التخفيف منه والإيجاز وهذا مما يزيده الاختصار بسطا لتمكنه ووقوعه موقعه » الى أن يقول :« و إن شرحت لك ما في كل آية طال عليك الأمر ولكني قد بينت بما فسرت وقررت بما فصلت الوجه الذي سلكت والنحو الذي قصدت والغرض الذي إليه رميت والسمت الذي إليه دعوت ».
و نحسبك بعد هذا قد ألممت بكتاب الاعجاز فقد أوردنا لك خير ما فيه.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٢٧٦
(٢٨) سورة القصص
مكيّة وآياتها ثمان وثمانون
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ١ الى ٦]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ



الصفحة التالية
Icon