لأبى اللّه أن يعدك أهل العلم إلا من جملة الأغبياء ومن علماء البيان من جعل له اسما سماه به وهو الترديد أي أن اللفظة الواحدة رددت فيه، وهو أن يأتي الشاعر بلفظة متعلقة بمعنى ثم يرددها بعينها متعلقة بمعنى آخر في البيت نفسه أو في قسم منه، قال أبو تمام :
خفّت دموعك في إثر القطين لدن خفّت من الكثب القضبان والكثب
الترديد في خفت ولو جعلت الكثب ترديدا لجاز.
و قال أبو الطيب المتنبي وأحسن ما شاء :
أمير أمير عليه الندى جواد بخيل بأن لا يجودا
و الترديد في أول البيت، والعلماء بالشعر مجمعون على تقديم أبي حية النميريّ في قوله :
ألا حيّ من أجل الحبيب المغانيا لبسن البلى مما لبسن اللياليا
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٥٢٥
إذا ما تقاضى المرء يوما وليلة تقاضاه شي ء لا يملّ التقاضيا
و ما أجمل قول أبي نواس :
دع عنك لومي فإن اللوم إغراء وداوني بالتي كانت هي الداء
صفراء لا تنزل الأكدار ساحتها لو مسها حجر مستها سراء
و كذلك قول أبي تمام :
راح إذا ما الراح كنّ مطيّها كانت مطايا الشوق في الأحشاء
ردد مطيّها ومطايا الشوق.
و نعود للآية الكريمة فنذكر أن ابن أبي الحديد قد نازع في كتابه المسمى بالفلك الدائر على المثل السائر في هذا وقال :
ان المعنى واحد في الآية، فان يوم القيامة وان طال فهو عند اللّه تعالى كالساعة الواحدة عند أحدنا، وحينئذ فاطلاق الساعة عليه مجاز كقولنا رأيت أسدا وزيد أسد، وأردنا بالأول حيوانا وبالثاني الرجل الشجاع.
و لم نر أحدا نازع فيما ذكرناه غير ابن أبي الحديد، فتدبر.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٧، ص : ٥٢٦
(٣١) سورة لقمان
مكيّة وآياتها اربع وثلاثون
[سورة لقمان (٣١) : الآيات ١ الى ٧]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ