سورة الشعراء

بسم الله الرحمن الرحيم

جزء : ٦ رقم الصفحة : ٥١٨
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢
الشرذمة : الجمع القليل المحتقر، وشرذمة كل شيء : بقيته الخسيسة : وأنشد أبو عبيدة :
في شراذم البغال وقال آخر :
جاء الشتاء وقميصي أخلاق شراذم يضحك منه وقال الجوهري : الشرذمة : الطائفة من الناس، والقطعة من الشيء، وثوب شراذم : أي قطع. انتهى. وقيل : السفلة من الناس. كبكبه : قلب بعضه على بعض، وحروفه كلها أصول عند جمهور البصريين. وقال الزمخشري : الكبكبة : تكرير الكب، جعل التكرير في اللفظ دليلاً على التكرير في المعنى. وقال ابن عطية : كبكب مضاعف من كب، هذا قول الجمهور، وهو الصحيح، لأن معناهما واحد، والتضعيف في الفعل نحو : صر وصرصر. انتهى. وقول الزمخشري وابن عطية هو قول الزجاج، وهو أنه يزعم أن نحو كبكبه مما يفهم المعنى بسقوط ثالثه، هو مما ضوعف فيه الباء. وذهب
الكوفيون إلى أن الثالث بدل من مثل الثاني، فكان أصله كبب، فأبدل من الباء الثانية كاف، الحميم : الولي القريب، وحامة الرجل : خاصته. وقال الزمخشري : الحميم من الاحتمام، وهو الاهتمام، وهو الذي يهمه ما أهمك ؛ أو من الحامة بمعنى الخاصة، وهو الصديق الخالص.
﴿طسم * تِلْكَ ءَايَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَآءِ ءَايَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ * وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَانِ مُحْدَثٍ إِلا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ * فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنابَا ؤُا مَا كَانُوا بِهِا يَسْتَهْزِءُونَ * أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الارْضِ كَمْ أَنابَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ * إِنَّ فِي ذَالِكَ لايَةًا وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قَوْمَ فِرْعَوْنَا أَلا يَتَّقُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّى أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ * وَيَضِيقُ صَدْرِى وَلا يَنطَلِقُ لِسَانِى فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ * وَلَهُمْ عَلَىَّ ذَنابٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ * قَالَ كَلا فَاذْهَبَا بِاَايَاتِنَآا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ * فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِى إِسْرَا ءِيلَ﴾.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢
هذه السورة كلها مكية في قول الجمهور إلا أربع آيات من :﴿وَالشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُانَ﴾ إلى آخر السورة، وقاله ابن عباس وعطاء وقتادة. وقال مقاتل :﴿أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ﴾، الآية مدنية. ومناسبة أولها الآخر ما قبلها أنه قال تعالى :﴿فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامَا ﴾ كذر تلهف رسول الله صلى الله عليه وسلّم على كونهم لم يؤمنوا، وكونهم كذبوا بالحق، لما جاءهم. ولما أوعدهم في آخر السورة بقوله :﴿فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامَا ﴾، أوعدهم في أول هذه فقال في إثر إخباره بتكذيبهم فسوف يأتيهم ﴿أَنابَا ؤُا مَا كَانُوا بِهِا يَسْتَهْزِءُونَ﴾. وتلك إشارة إلى آيات السورة، أو آيات القرآن. وأمال فتحة الطاء حمزة والكسائي، وأبو بكر وباقي السبعة : بالفتح ؛ وحمزة بإظهار نون سين، وباقي السبعة بإدغامها ؛ وعيسى بكسر الميم من طسم هنا وفي القصص، وجاء كذلك عن نافع. وفي مصحف عبد الله ط س م مقطوع، وهي قراءة أبي جعفر. وتكلموا على هذه الحروف بما يشبه اللغز والأحاجي، فتركت نقهل، إذ لا دليل على شيء مما قالوه.
﴿وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ : هو القرآن، هو بين في نفسه ومبين غيره من الأحكام والشرائع وسائر ما اشتمل عليه، أو مبىن إعجازه وصحة أنه من عند الله. وتقدم تفسير ﴿بَاخِعٌ نَّفْسَكَ﴾ في أول الكهل. ﴿أَلا يَكُونُوا ﴾ : أي لئلا يؤمنوا، أو خيفة أن لا يؤمنوا. وقرأ قتادة وزيد بن علي : باخع نفسك على الإضافة. ﴿إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ﴾، دخلت إن على نشأ وإن للممكن، أو المحقق المنبهم زمانه. قال ابن عطية : ما في الشرط من الإبهام هو في هذه الآية في حزينا، وأما الله تعالى فقد علم أنه لا ينزل عليهم آية اضطرار، وإنما جعل الله آيات الأنبياء والآيات الدالة عليه معرضة للنظر والفكر، ليهتدي من سبق في علمه هداه، ويضل من سبق ضلاله، وليكون للنظرة كسب به يتعلق الثواب والعقاب، وآية الاضطرار تدفع جميع هذا إذ لو كانت. انتهى. ومعنى آية : أي ملجئة إلى الإيمان يقهر عليه. وقرأ أبو عمرو في رواية هرون عنه : إن يشأ ينزل على الغيبة، أي إن يشأ الله ينزل، وفي المصاحف : لو شئنا لأنزلنا. وقرأ الجمهور : فظلت، ماضياً بمعنى المستقبل، لأنه معطوف على ينزل. وقرأ طلحة : فتظلل، وأعناقهم. قال الزمخشري : فإن قلت : كيف صح مجيء خاضعين خبراً عن الأعناق ؟ قلت ؛ أصل الكلام : فظلوا لها خاضعين، فأقحمت الأعناق لبيان موضع الخشوع، وترك الكلام على أصله كقولهم : ذهبت أهل اليمامة، كان الأهل غير مذكور. انتهى. وقال مجاهد، وابن زيد، والأخفش : جماعاتهم، يقال : جاءني عنق من الناس، أي جماعة، ومنه قول الشاعر :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢
إن العراق وأهله عنق إليك فهيت هيتا
وقيل : أعناق الناس : رؤساؤهم،
ومقدموهم شبهوا بالأعناق، كما قيل : لهم الرؤوس والنواصي والصدور
قال الشاعر : في مجفل من نواصي الخيل مشهود وقيل : أريد الجارحة. فقال ابن عبسى : هو على حذف مضاف، أي أصحاب للأعناق. وروعي هذا المحذوف في قوله :﴿خَاضِعِينَ﴾، حيث جاء جمعاً للمذكر العاقل، أولاً حذف، ولكنه اكتسى من إضافته للمذكر العاقل وصفه، فأخبر عنه إخباره، كما يكتسي المذكر التأنيث من إضافته إلى المؤنث في نحو :
كما شرقت صدر القناة من الدم


الصفحة التالية
Icon