سورة الممتحنة
مدنية

بسم الله الرحمن الرحيم

جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٥٠
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٥١
٢٥١
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَآءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُم أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِى سَبِيلِى وَابْتِغَآءَ﴾.
هذه السورة مدنية، ونزلت بسبب حاطب بن أبي بلتعة، كان قد وجه كتاباً، مع امرأة إلى أهل مكة يخبرهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلّم متوجه إليهم لغزوهم ؛ فأطلع الله رسوله صلى الله عليه وسلّم على ذلك، ووجه إلى المرأة من أخذ الكتاب منها، والقصة مشهورة في كتب الحديث والسير.
ومناسبة هذه السورة لما قبلها : أنه لما ذكر فيما قبلها حالة المنافقين والكفار، افتتح هذه بالنهي عن موالاة الكفار والتودّد إليهم، وأضاف في قوله :﴿عَدُوِّى﴾ تغليظاً، لجرمهم وإعلاماً بحلول عقاب الله بهم. والعدو ينطلق على الواحد وعلى الجمع، وأولياء مفعول ثان لتتخذوا. ﴿تُلْقُونَ﴾ : بيان لموالاتهم، فلا موضع له من الإعراب، أو استئناف إخبار. وقال الحوفي والزمخشري : حال من الضمير في ﴿لا تَتَّخِذُوا ﴾، أو صفة لأولياء، وهذا تقدّمه إليه الفراء، قال :﴿تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ﴾ من صلة ﴿أَوْلِيَآءَ﴾. انتهى. وعندهم أن النكرة توصل، وعند البصريين لا توصل بل توصف، والحال والصفة قيد وهم قد نهوا عن اتخاذهم أولياء مطلقاً، والتقييد يدل على أنه يجوز أن يتخذوا أولياء إذا لم يكونوا في حال إلقاء المودة، أو إذا لم يكن الأولياء متصفين بهذا الوصف، وقد قال تعالى :﴿يُوقِنُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَآءَا﴾، فدل على أنه لا يقتصر على تلك الحال ولا ذلك الوصف. والأولياء عبارة عن الإفضاء بالمودة، ومفعول ﴿تُلْقُونَ﴾ محذوف، أي تلقون إليهم أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأسراره. والباء في ﴿بِالْمَوَدَّةِ﴾ للسبب، أي بسبب المودة التي بينهم. وقال الكوفيون : الباء زائدة، كما قيل : في :﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ : أي أيديكم. قال الحوفي : وقال البصريون هي متعلقة بالمصدر
٢٥٢


الصفحة التالية
Icon