سورة الجن
مكية

بسم الله الرحمن الرحيم

جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٤٣
الجد : لغة العظمة والجلال، وجد في عيني : عظم وجل. وقال أبو عبيدة والأخفش : الملك والسلطان، والجد : الحظ، والجد : أبو الأب. الحرس : اسم جمع، الواحد حارس، كغيب واحده غائب، وقد جمع على أحراس. قال الشاعر :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٤٤
تجاوزت أحراساً وأهوال معشر كشاهد وأشهاد، والحارس : الحافظ للشيء يرقبه. القدد : السير المختلفة، الواحدة قدة. قال الشاعر :
القابض الباسط الهادي بطاعتهفي قنية الناس إذ أهواؤهم قدد
وقال الكميت :
جمعت بالرأي منهم كل رافضةإذ هم طرائق في أهوائهم قدد
تحرى الشيء : طلبه باجتهاد وتوخاه وقصده. الغدق : الكثير. اللبد، جمع لبدة : وهو تراكم بعضه فوق بعض، ومنه لبدة الأسد. ويقال للجراد الكثير المتراكم : لبد، ومنه اللبد الذي يفرش، يلبد صوفه : دخل بعضه في بعض.
٣٤٤
﴿قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانًَا عَجَبًا * يَهْدِى إِلَى الرُّشْدِ فَاَامَنَّا بِهِا وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدًا * وَأَنَّه تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا * وَأَنَّه كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا * وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ الانسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا * وَأَنَّه كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الانسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا * وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا * وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِا فَمَن يَسْتَمِعِ الانَ يَجِدْ لَه شِهَابًا رَّصَدًا * وَأَنَّا لا نَدْرِى أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِى الارْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا * وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَالِكَا كُنَّا طَرَآاِقَ قِدَدًا * وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن نُّعْجِزَ اللَّهَ فِى الارْضِ وَلَن نُّعْجِزَه هَرَبًا * وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى ءَامَنَّا بِهِا فَمَنا يُؤْمِن بِرَبِّهِا فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا * وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَا فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوالَئاِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾.
هذه السورة مكية. ووجه مناسبتها لما قبلها : أنه لما حكي تمادي قوم نوح في الكفر وعكوفهم على عبادة الأصنام، وكان عليه الصلاة والسلام أول رسول إلى الأرض ؛ كما أن محمداً صلى الله عليه وسلّم آخر رسول إلى الأرض، والعرب الذي هو منهم عليه الصلاة والسلام كانوا عباد أصنام كقوم نوح، حتى أنهم عبدوا أصناماً مثل أصنام أولئك في الأسماء، وكان ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلّم من القرآن هادياً إلى الرشد، وقد سمعته العرب، وتوقف عن الإيمان به أكثرهم، أنزل الله تعالى سورة الجن إثر سورة نوح، تبكيتاً لقريش والعرب في كونهم تباطؤا عن الإيمان، إذ كانت الجن خيراً لهم وأقبل للإيمان، هذا وهم من غير جنس الرسول صلى الله عليه وسلّم ؛ ومع ذلك فبنفس ما سمعوا القرآن استعظموه وآمنوا به للوقت، وعرفوا أنه ليس من نمط كلام الناس، بخلاف العرب فإنه نزل بلسانهم وعرفوا كونه معجزاً، وهم مع ذلك مكذبون له ولمن جاء به حسداً وبغياً أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٤٤


الصفحة التالية
Icon