كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة( أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا ) أي ذاهبا قد غار في الأرض.
وقوله:( فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا ) يقول: فلن تطيق أن تدرك الماء الذي كان في جنتك بعد غَوْره، بطلبك إياه.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (٤٢) ﴾
يقول تعالى ذكره: وأحاط الهلاك والجوائح بثمره، وهي صنوف ثمار جنته التي كان يقول لها:( مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا ) فأصبح هذا الكافر صاحب هاتين الجنتين، يقلب كفيه ظهرا لبطن، تلهفا وأسفا على ذهاب نفقته التي أنفق في جنته( وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ) يقول: وهي خالية على نباتها وبيوتها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة( فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ) : أي يصفق( كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا ) متلهفا على ما فاته، (وَ) هو( وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ) ويقول: يا ليتني، يقول: يتمنى هذا الكافر بعد ما أصيب بجنته أنه لم يكن كان أشرك بربه أحدا، يعني بذلك: هذا الكافر إذا هلك وزالت عنه دنياه وانفرد بعمله، ودّ أنه لم يكن كفر بالله ولا أشرك به شيئا.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (٤٣) هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (٤٤) ﴾
يقول تعالى ذكره: ولم يكن لصاحب هاتين الجنتين فئة، وهم الجماعة، كما قال عَجَّاح:
كَمَا يَحُوزُ الفِئَةُ الكَمِيّ (١)
* خوف الخلاص وهو أجنبي *
* كما يحوذ الفئة الكمي *
وقال في شرحه : ويحوذ : يسوق ويطرد. وله حوذي : أي له ما يطردهن به. والكمي : الشجاع. وأجنبي : أي مجانب لهن، متخوف، ولا يمكنهن من نفسه. ا هـ. و ( في اللسان : حوذ ) حاذ الإبل يحوذها : إذا حازها وجمعها ليسوقها. وحاذه يحوذه حوذا : غلبه، وحاذ الحمار أتنه : إذا استولى عليها وجمعها، وكذلك حازها، والفئة : الفرقة والجماعة من الناس في الأصل، والطائفة التي تقيم وراء الجيش، فإن كل عليهم خوف أو هزيمة التجئوا إليهم.