تفسير سورة الحاقة
بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ (٢) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (٤) ﴾يقول تعالى ذكره: الساعة( الْحَاقَّةُ ) التي تحقّ فيها الأمور، ويجب فيها الجزاء على الأعمال( مَا الْحَاقَّةُ ) يقول: أيّ الساعة الحاقة.
وذُكر عن العرب أنها تقول: لما عرف الحاقة متى والحقة متى، وبالكسر بمعنى واحد في اللغات الثلاث، وتقول: وقد حقّ عليه الشيء إذا وجب، فهو يحقّ حقوقا.
والحاقة الأولى مرفوعة بالثانية، لأن الثانية بمنزلة الكناية عنها، كأنه عجب منها، فقال:( الحاقة ): ما هي، كما يقال: زيد ما زيد.
والحاقة الثانية مرفوعة بما، وما بمعنى أي، وما رفع بالحاقة الثانية، ومثله في القرآن( وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ ) و( الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعة )، فما في موضع رفع بالقارعة الثانية والأولى بجملة الكلام بعدها.
وبنحو الذي قلنا في قوله:( الْحَاقَّةُ ) قال أهل التأويل
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله:( الْحَاقَّةُ ) قال: من أسماء يوم القيامة، عظمه الله، وحذّره عباده.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن شريك، عن جابر، عن عكرِمة قال:( الْحَاقَّةُ ) القيامة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:( الْحَاقَّةُ ) يعني: الساعة أحقت لكل عامل عمله.
حدثني ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة( الْحَاقَّةُ ) قال: أحقت لكلّ قوم أعمالهم.