سورة الفاتحة
وآياتها سبع مكية

بسم الله الرحمن الرحيم

وأما قوله جل جلاله بسم الله الرحمن الرحيم ففيه نوعان من البحث النوع الأول قد اشتهر عند العلماء أن لله تعالى ألفا وواحدا من الأسماء المقدسة المطهرة وهي موجودة في الكتاب والسنة ولا شك أن البحث عن كل واحد من تلك الأسماء مسألة شريفة عالية وأيضا فالعلم بالاسم لا يحصل إلا إذا كان مسبوقا بالعلم بالمسمى وفي البحث عن ثبوت تلك المسميات وعن الدلائل الدالة على ثبوتها وعن أجوبة الشبهات التي تذكر في نفيها مسائل كثيرة ومجموعها يزيد على الألوف النوع الثاني من مباحث هذه الآية أن الباء في قوله بسم الله باء الإلصاق وهي متعلقة بفعل والتقدير باسم الله أشرع في أداء الطاعات وهذا المعنى لا يصير ملخصا معلوما إلا بعد الوقوف على أقسام الطاعات وهي العقائد الحقة والأعمال الصافية مع الدلائل والبينات ومع الأجوبة عن الشبهات وهذا المجموع ربما زاد على عشرة آلاف مسألة ومن اللطائف أن قوله أعوذ بالله إشارة إلى نفي ما لا ينبغي من العقائد والأعمال وقوله بسم الله إشارة إلى ما ينبغي من الاعتقادات والعمليات فقوله بسم الله لا يصير معلوما إلا بعد الوقوف على جميع العقائد الحقة والأعمال الصافية وهذا هو الترتيب الذي يشهد بصحته العقل الصحيح والحق الصريح أما قوله جل جلاله الحمد لله فاعلم أن الحمد إنما يكون حمدا على النعمة والحمد على النعمة لا يمكن إلا بعد معرفة تلك النعمة لكن أقسام نعم الله خارجة عن التحديد والإحصاء كما قال تعالى وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إبراهيم ٣٤ ولنتكلم في مثال واحد وهو ان العاقل يجب أن يعتبر ذاته وذلك لأنه مؤلف من نفس وبدن ولا شك أن أدون الجزءين وأقلهما فضيلة ومنفعة هو البدن ثم إن أصحاب التشريح وجدوا قريبا من خمسة آلاف نوع من المنافع والمصالح التي دبرها الله عز وجل بحكمته في تخليق بدن الإنسان ثم إن من وقف على هذه الأصناف المذكورة في كتب التشريح عرف أن نسبة هذا القدر المعلوم المذكور إلى ما لم يعلم وما لم يذكر كالقطرة في البحر المحيط وعند هذا يظهر أن معرفة


الصفحة التالية
Icon