سورة النمل
تسعون وثلاث أو أربع أو خمس آيات مكية
طس تِلْكَ ءَايَاتُ الْقُرْءَانِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَواة َ وَيُؤْتُونَ الزَّكَواة َ وَهُم بِالاٌّ خِرَة ِ هُمْ يُوقِنُونَ
اعلم أن قوله تِلْكَ إشارة إلى آيات السورة والكتاب المبين هو اللوح المحفوظ وإبانته أنه قد خط فيه كل ما هو كائن فالملائكة الناظرون فيه يبينون الكائنات وإنما نكر الكتاب المبين ليصير مبهماً بالتنكير فيكون أفخم له كقوله فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِ ( القمر ٥٥ ) وقرأ ابن أبي عبلة وَكِتَابٌ مُّبِينٌ بالرفع على تقدير وآيات كتاب مبين فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فإن قلت ما الفرق بين هذا وبين قوله الرَ تِلْكَ ءايَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْءانٍ مُّبِينٍ ( الحجر ١ ) قلت لا فرق لأن واو العطف لا تقتضي الترتيب
أما قوله هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ فهو في محل النصب أو الرفع فالنصب على الحال أي هادية ومبشرة والعامل فيها ما في تلك من معنى الإشارة والرفع على ثلاثة أوجه على معنى هي هدى وبشرى وعلى البدل من الآيات وعلى أن يكون خبراً بعد خبر أي جمعت آياتها آيات الكتاب وأنها هدى وبشرى واختلفوا في وجه تخصيص الهدى بالمؤمنين على وجهين الأول المراد أنه يهديهم إلى الجنة وبشرى لهم كقوله تعالى فَسَيُدْخِلُهُمْ فِى رَحْمَة ٍ مَّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُّسْتَقِيماً ( النساء ١٧٥ ) فلهذا اختص به المؤمنون الثاني المراد بالهدى الدلالة ثم ذكروا في تخصيصه بالمؤمنين وجوهاً أحدها أنه إنما خصه بالمؤمنين لأنه ذكر مع الهدى البشرى والبشرى إنما تكون للمؤمنين وثانيها أن وجه الاختصاص أنهم تمسكوا به فخصهم بالذكر كقوله إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا ( النازعات ٤٥ ) وثالثها المراد من كونها هُدًى لِلْمُؤْمِنِينَ أنها زائدة في هداهم قال تعالى وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَواْ هُدًى ( مريم ٧٦ )


الصفحة التالية
Icon