سورة يس
ثمانون وثلاث آيات مكية
يس وَالْقُرْءَانِ الْحَكِيمِ
يس وَالْقُرْءانِ الْحَكِيمِ قد ذكرنا كلاماً كلياً في حروف التهجي في سورة العنكبوت وذكرنا أن في كل سورة بدأ الله فيها بحروف التهجي كان في أوائلها الذكر أو الكتاب أو القرآن ولنذكر ههنا أبحاثاً
البحث الأول هو أن في ذكر هذه الحروف في أوائل السور أموراً تدل على أنها غير خالية عن الحكمة ولكن علم الإنسان لا يصل إليها بعينها فنقول ما هو الكلي من الحكمة فيها أما بيان أن فيها ما يدل على الحكمة فهو أن الله تعالى ذكر من الحروف نصفها وهي أربعة عشر حرفاً وهي نصف ثمانية وعشرين حرفاً وهي جميع الحروف التي في لسان العرب على قولنا الهمزة ألف متحركة ثم إنه تعالى قسم الحروف ثلاثة أقسام تسعة أحرف من الألف إلى الذال وتسعة أحرف أخر في آخر الحروف من الفاء إلى الياء وعشرة من الوسط من الراء إلى الغين وذكر من القسم الأول حرفين هما الألف والحاء وترك سبعة وترك من القسم الآخر حرفين هما الفاء والواو وذكر سبعة ولم يترك من القسم الأول من حروف الحلق والصدر إلا واحداً لم يذكره وهو الخاء ولم يذكر من القسم الآخر من حروف الشفة إلا واحداً لم يتركه وهو الميم والعشر الأواسط ذكر منها حرفاً وترك حرفاً فذكر الراء وترك الزاي وذكر السين وترك الشين وذكر الصاد وترك الضاد وذكر الطاء وترك الظاء وذكر العين وترك الغين وليس هذا أمراً يقع اتفاقاً بل هو ترتيب مقصود فهو لحكمة وأما أن عينها غير معلومة فظاهر وهب أن واحداً يدعى فيها شيئًا فماذا يقول في كون بعض السور مفتتحة بحرف كسورة ن وق وص وبعضها بحرفين كسورة حم ويس وطس وطه وبعضها بثلاثة أحرف كسورة الم وطسم والر وبعضها بأربعة كسورتي المر والمص وبعضها بخمسة أحرف كسورتي حمعسق وكهيعص وهب أن قائلاً يقول إن هذا إشارة إلى أن الكلام إما حرف وإما فعل وإما اسم والحرف كثيراً ما جاء على حرف كواو العطف وفاء التعقيب وهمزة الاستفهام وكاف التشبيه وباء الإلصاق وغيرها وجاء على حرفين كمن للتبعيض وأو للتخيير وأم للاستفهام المتوسط وأن للشرط وغيرها والاسم


الصفحة التالية
Icon