سورة الذاريات
ستون آية مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالذَارِيَاتِ ذَرْواً فَالْحَامِلَاتِ وِقْراً فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراًأول هذه السورة مناسب لآخر ما قبلها وذلك لأنه تعالى لما بيّن الحشر بدلائله وقال ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيراً ( ق ٤٤ ) وقال وَمَا أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ( ق ٤٥ ) أي تجبرهم وتلجئهم إلى الإيمان إشارة إلى إصرارهم على الكفر بعد إقامة البرهان وتلاوة القرآن عليهم لم يبق إلا اليمين فقال وَالذرِيَاتِ ذَرْواً إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ وأول هذه السورة وآخرها متناسبان حيث قال في أولها إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ( الذاريات ٥ ) وقال في آخرها فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ الَّذِى يُوعَدُونَ ( الذاريات ٦٠ ) وفي تفسير الآيات مسائل
المسألة الأولى قد ذكرنا الحكمة وهي في القسم من المسائل الشريفة والمطالب العظيمة في سورة والصافات ونيدها ههنا وفيها وجوه الأول أن الكفار كانوا في بعض الأوقات يعترفون بكون النبي ( ﷺ ) غالباً في إقامة الدليل وكانوا ينسبونه إلى المجادلة وإلى أنه عارف في نفسه بفساد ما يقوله وإنه يغلبنا بقوة الجدل لا بصدق المقال كما أن بعض الناس إذا أقام عليه الخصم الدليل ولم يبق له حجة يقول إنه غلبني لعلمه بطريق الجدل وعجزي عن ذلك وهو في نفسه يعلم أن الحق بيدي فلا يبقى للمتكلم المبرهن طريق غير اليمين فيقول والله إن الأمر كما أقول ولا أجادلك بالباطل وذلك لأنه لو سلك طريقاً آخر من ذكر دليل آخر فإذا تم الدليل الآخر يقول الخصم فيه مثل ما قال في الأول إن ذلك تقرير بقوة علم الجدل فلا يبقى إلا السكوت أو التمسك بالإيمان وترك إقامة البرهان الثاني هو أن العرب كانت تحترز عن الأيمان