سورة التغابن
ثمان عشرة آية مكية
يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الأرض لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَى ْءٍ قَدِيرٌ
وجه التعلق بما قبلها ظاهر لما أن تلك السورة للمنافقين الكاذبين وهذه السورة للمنافقين الصادقين وأيضاً تلك السورة مشتملة على بطالة أهل النفاق سراً وعلانية وهذه السورة على ما هو التهديد البالغ لهم وهو قوله تعالى يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمُ بِذَاتِ الصُّدُورِ وأما الأول بالآخر فلأن في آخر تلك السورة التنبيه على الذكر والشكر كما مر وفي أول هذه إشارة إلى أنهم إن أعرضوا عن الذكر والشكر قلنا من الخلق قوم يواظبون على الذكر والشكر دائماً وهم الذين يسبحون كما قال تعالى يُسَبّحُ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاْرْضِ وقوله تعالى لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ معناه إذا سبح لله ما في السموات وما في الأرض فله الملك وله الحمد ولما كان له الملك فهو متصرف في ملكه والتصرف مفتقر إلى القدرة فقال وَاللَّهُ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِيرٌ وقال في ( الكشاف ) قدم الظرفان ليدل بتقديمهما على معنى اختصاص الملك والحمد بالله تعالى وذلك لأن الملك في الحقيقة له لأنه مبدىء لكل شيء ومبدعه والقائم به والمهيمن عليه كذلك الحمد فإن أصول النعم وفروعها منه وأما ملك غيره فتسليط منه واسترعاء وحمده اعتداد بأن نعمة الله جرت على يده وقوله تعالى وَهُوَ عَلَى كُلّ شَى ْء قَدِيرٌ قيل معناه وهو على كل شيء أراده قدير وقيل قدير يفعل ما يشاء بقدر ما يشاء لا يزيد عليه ولا ينقص وقد مر ذلك وفي الآية مباحث
الأول أنه تعالى قال في الحديد سَبِّحِ ( الحديد ) والحشر والصف كذلك وفي الجمعة والتغابن يُسَبّحُ لِلَّهِ فما الحكمة فيه نقول الجواب عنه قد تقدم
البحث الثاني قال في موضع سَبَّحَ للَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاْرْضِ ( الحشر ١ ) وفي موضع


الصفحة التالية
Icon