سورة الجن
وهي عشرون وثمان آيات مكية
قُلْ أُوحِى َ إِلَى َّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانَاً عَجَباً يَهْدِى إِلَى الرُّشْدِ فَأامَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً
قُلْ أُوحِى َ إِلَى َّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مّنَ الْجِنّ وفيه مسائل
المسألة الأولى اختلف الناس قديماً وحديثاً في ثبوت الجن ونفيه فالنقل الظاهر عن أكثر الفلاسفة إنكاره وذلك لأن أبا علي بن سينا قال في رسالته في حدود الأشياء الجن حيوان هوائي متشكل بأشكال مختلفة ثم قال وهذا شرح للاسم فقوله وهذا شرح للاسم يدل على أن هذا الحد شرح للمراد من هذا اللفظ وليس لهذه الحقيقة وجود في الخارج وأما جمهور أرباب الملل والمصدقين للأنبياء فقد اعترفوا بوجود الجن واعترف به جمع عظيم من قدماء الفلاسفة وأصحاب الروحانيات ويسمونها بالأرواح السفلية وزعموا أن الأرواح السفلية أسرع إجابة إلا أنها أضعف وأما الأرواح الفلكية فهي أبطأ إجابة إلا أنها أقوى واختلف المثبتون على قولين فمنهم من زعم أنها ليست أجساماً ولا حالة في الأجسام بل هي جواهر قائمة بأنفسها قالوا ولا يلزم من هذا أن يقال إنها تكون مساوية لذات الله لأن كونها ليست أجساماً ولا جسمانية سلوب والمشاركة في السلوب لا تقتضي المساواة في الماهية قالوا ثم إن هذه الذوات بعد اشتراكها في هذا السلب أنواع مختلفة بالماهية كاختلاف ماهيات الأعراض بعد استوائها في الحاجة إلى المحل فبعضها خيرة وبعضها شريرة وبعضها كريمة محبة للخيرات وبعضها دنيئة خسيسة محبة للشرور والآفات ولا يعرف عدد أنواعهم وأصنافهم إلا الله قالوا وكونها موجودات مجردة لا يمنع من كونها عالمة بالخبريات قادرة على الأفعال فهذه الأرواح يمكنها أن تسمع وتبصر وتعلم الأحوال الخبرية وتفعل الأفعال المخصوصة ولما ذكرنا أن ماهياتها مختلفة لا جرم لم يبعد أن يكون في أنواعها ما يقدر على أفعال شاقة عظيمة تعجز عنها قدر البشر ولا يبعد أيضاً أن يكون لكل نوع منها تعلق بنوع مخصوص من أجسام هذا العالم وكما أنه دلت الدلائل الطبية على أن المتعلق الأول للنفس الناطقة التي ليس الإنسان إلا هي هي الأرواح وهي أجسام