سورة النازعات
وهي أربعون وست آيات مكية
وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً
فيه مسألتان
المسألة الأولى اعلم أن هذه الكلمات الخمس يحتمل أن تكون صفات لشيء واحد ويحتمل أن لا تكون كذلك أما على الاحتمال الأول فقد ذكروا في الآية وجوهاً أحدها أنها بأسرها صفات الملائكة فقوله وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً هي الملائكة الذين ينزعون نفوس بني آدم فإذا نزعوا نفس الكفار نزعوها بشدة وهو مأخوذ من قولهم نزع في القوس فأغرق يقال أغرق النازع في القوس إذا بلغ غاية المدى حتى ينتهي إلى النصل فتقدير الآية والنازعات إغراقاً والغرق والإغراق في اللغة بمعنى واحد وقوله وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً النشط هو الجذب يقال نشطت الدلو أنشطها وأنشطتها نشطاً نزعتها برفق والمراد هي الملائكة التي تنشط روح المؤمن فتقبضها وإنما خصصنا هذا بالمؤمن والأول بالكافر لما بين النزع والنشط من الفرق فالنزاع جذب بشدة والنشط جذب برفق ولين فالملائكة تنشط أرواح المؤمنين كما تنشط الدلو من البئر فالحاصل أن قوله وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً قسم بملك الموت وأعوانه إلا أن الأول إشارة إلى كيفية قبض أرواح الكفار والثاني إشارة إلى كيفية قبض أرواح المؤمنين أما قوله وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً فمنهم من خصصه أيضاً بملائكة قبض الأرواح ومنهم من حمله على سائل طوائف الملائكة أما الوجه الأول فنقل عن علي عليه السلام وابن عباس ومسروق أن الملائكة يسلون أرواح المؤمنين سلاً رفيقاً فهذا هو المراد من قوله وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً ثم يتركونها حتى تستريح رويداً ثم يستخرجونها بعد ذلك برفق ولطافة كالذي يسبح في الماء فإنه يتحرك برفق ولطافة لئلا يفرق فكذا ههنا يرفقون في ذلك