سورة الانشقاق
وهي عشرون وخمس آيات مكية
إِذَا السَّمَآءُ انشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ وَإِذَا الأرض مُدَّتْ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ
أما انشقاق السماء فقد مر شرحه في مواضع من القرآن وعن علي عليه السلام أنها تنشق من المجرة أما قوله وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا ومعنى أذن له استمع ومنه قوله عليه الصلاة والسلام ( ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن ) وأنشد أبو عبيدة والمبرد والزجاج قول قعنب صم إذا سمعوا خيراً ذكرت به
وإن ذكرت بشر عندهم أذنوا
والمعنى أنه لم يوجد في جرم السماء ما يمنع من تأثير قدرة الله تعالى في شقها وتفريق أجزائها فكانت في قبول ذلك التأثير كالعبد الطائع الذي إذا ورد عليه الأمر من جهة المالك أنصت له وأذعن ولم يمتنع فقوله قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ( فصلت ١١ ) يدل على نفاذ القدرة في الإيجاد والإبداع من غير ممانعة أصلاً وقوله ههنا وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا يدل على نفوذ القدرة في التفريق والإعدام والإفناء من غير ممانعة أصلاً وأما قوله وَحُقَّتْ فهو من قولك هو محقوق بكذا وحقيق به يعني وهي حقيقة بأن تنقاد ولا تمتنع وذلك لأنه جسم وكل جسم فهو ممكن لذاته وكل ممكن لذاته فإن الوجود والعدم بالنسبة إليه على السوية وكل ما كان كذلك كان ترجيح وجوده على عدمه أو ترجيح عدمه على وجوده لا بد وأن يكون بتأثير واجب الوجود وترجيحه فيكون تأثير قدرته في إيجاده وإعدامه نافذاً سارياً من غير ممانعة أصلاً وأما الممكن فليس له إلا القبول والاستعداد ومثل هذا الشيء حقيق به أن يكون قابلاً للوجود تارة وللعدم