سورة التكاثر
ثمان آيات مكية
أَلْهَاكُمُ التَّكَّاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ
أَلْهَاكُمُ التَّكَّاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ فيه مسائل
المسأة الأولى الإلهاء الصرف إلى اللهو واللهو الانصراف إلى ما يدعو إليه الهوى ومعلوم أن الانصراف إلى الشيء يقتضي الإعراض عن غيره فلهذا قال أهل اللغة ألهاني فلان عن كذا أي أنساني وشغلني ومنه الحديث ( أن الزبير كان سمع صوت الرعد لهى عن حديثه ) أن تركه وأعرض عنه وكل شيء تركته فقد لهيت عنه والتكاثر التباهي بكثرة المال والجاه والمناقب يقال تكاثر القوم تكاثراً إذا تعادلوا مالهم من كثرة المناقب وقال أبو مسلم التكاثر تفاعل عن الكثرة والتفاعل يقع على أحد وجوه ثلاثة يحتمل أن يكون بين الإثنين فيكون مفاعله ويحتمل تكلف الفعل تقول تكارهت على كذا إذا فعلته وأنت كاره وتقول تباعدت عن الأمر إذا تكلفت العمى عنه وتقول تغافلت ويحتمل أيضاً الفعل بنفسه كما تقول تباعدت عن الأمر أي بعدت عنه ولفظ التكاثر في هذه الآية ويحتمل الوجهين الأولين فيحتمل التكاثر بمعنى المفاعلة لأنه كم من إثنين يقول كل واحد منهما لصاحبه أَنَاْ أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً ويحتمل تكلف الكثرة فإن الحريص يتكلف جميع عمره تكثير ماله واعلم أن التفاخر والتكاثر شيء واحد ونظير هذه الآية قوله تعالى وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ
المسألة الثانية اعلم أن التفاخر إنما يكون بإثبات الإنسان نوعاً من أنواع السعادة لنفسه وأجناس السعادة ثلاثة
فأحدها في النفس والثانية في البدن والثالثة فيما يطيف بالبدن من خارج أما التي في النفس


الصفحة التالية
Icon