سورة الكوثر
ثلاث آيات مكية
إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ
اعلم أن هذه السورة على اختصارها فيها لطائف أحداها أن هذه السورة كالمقابلة للسورة المتقدمة وذلك لأن في السورة المتقدمة وصف الله تعالى المنافق بأمور أربعة أولها البخل وهو المراد من قوله يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ الثاني ترك الصلاة وهو المراد من قوله الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ والثالث المراءاة في الصلاة هو المراد من قوله الَّذِينَ هُمْ يُرَاءونَ والرابع المنع من الزكاة وهو المراد من قوله وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ فذكر في هذه السورة في مقابلة تلك الصفات الأربع صفات أربعة فذكر في مقابلة البخل قوله إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ أي إنا أعطيناك الكثير فأعط أنت الكثير ولا تبخل وذكر في مقابلة الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ قوله فَصْلٌ أي دم على الصلاة وذكر في مقابلة الَّذِينَ هُمْ يُرَاءونَ قوله لِرَبّكِ أي ائت بالصلاة لرضا ربك لا لمراءاة الناس وذكر في مقابلة وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ قوله وَانْحَرْ وأراد به التصدق بلحم الأضاحي فاعتبر هذه المناسبة العجيبة ثم ختم السورة بقوله إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الاْبْتَرُ أي المنافق الذي يأتي بتلك الأفعال القبيحة المذكورة في تلك السورة سيموت ولا يبقى من دناه أثر ولا خبر وأما أنت فيبقى لك في الدنيا الذكر الجميل وفي الآخرة الثواب الجزيل
والوجه الثاني في لطائف هذه السورة أن السالكين إلى الله تعالى لهم ثلاث درجات أعلاها أن


الصفحة التالية
Icon