الجامع لاحكام القران لابي عبد الله محمد بن احمد الانصاري القرطبي الجزء العاشر أعاد طبعه دار احياء التراث العربي بيروت - لبنان ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م
بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة الحجر قوله تعالى: الر تلك ءايت الكتب وقرءان مبين (١) تقدم (١) معناه.
و " الكتاب " قيل فيه: إنه اسم لجنس الكتب المتقدمة من التوراة والانجيل، ثم قرنهما بالكتاب المبين.
وقيل: الكتاب هو القرآن، جمع له بين الاسمين.
قوله تعالى: ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين (٢) " رب " لا تدخل على الفعل، فإذا لحقتها " ما " هيأتها للدخول على الفعل تقول: ربما قام زيد، وربما يقوم زيد.
ويجوز أن تكون " ما " نكرة بمعنى شئ، و " يود " صفة له، أي رب شئ يود الكافر.
وقرأ نافع وعاصم " ربما " مخفف الباء.
الباقون مشددة، وهما لغتان.
قال أبو حاتم: أهل الحجاز يخففون ربما، قال الشاعر: ربما ضربة بسيف صقيل * بين بصرى وطعنة نجلاء (٢) وتميم وقيس وربيعة يثقلونها.
وحكى فيها: ربما وربما، وربتما وربتما، بتخفيف الباء وتشديدها أيضا (٣).
وأصلها أن تستعمل في القليل وقد تستعمل في الكثير، أي يود الكفار في أوقات كثيرة لو كانوا مسلمين، قاله الكوفيون.
ومنه قول الشاعر:
وبصرى: بلدة قرب الشام، هي كرسى حوران، كان يقوم فيها سوق للجاهلية.
قال صاحب خزانة الادب: "... وإنما صح إضافة بين إلى بصرى لاشتمالها على متعدد من الامكنة، أي بين أماكن بصرى ونواحيها.
ورواى الشريف الحسينى في حماسته: " دون بصرى " ودون هنا بمعنى قبل أو بمعنى خلف.
وقال العينى: بمعنى عند ".
راجع الخزانة في الشاهد التاسع والتسعين بعد السبعمائة.
(٣) قال ابن هشام في المغنى: " وفى رب ست عشرة لغة: ضم الراء وفتحها، وكلاهما مع التشديد والتخفيف.
والاوجه الاربعة مع تاء التأنيث، ساكنة أو محركة، مع التجريد منها، فهذه اثنتا عشرة.
والضم والفتح مع إسكان الياء وضم الحرفين مع التشديد ومع التخفيف ".
(*)