الجامع لاحكام القران لابي عبد الله محمد بن احمد الانصاري القرطبي الجزء الثالث عشر أعاد طبعه دار احياء التراث العربي بيروت - لبنان ١٤٠٥ ه ١٩٨٥ م
بسم الله الرحمن الرحيم سورة الفرقان مكية كلها في قول الجمهور.
وقال ابن عباس وقتادة: إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة، وهى: " والذين لا يدعون مع الله إلها آخر " إلى قوله: " وكان الله غفورا رحيما ".
وقال الضحاك: هي مدنية، وفيها آيات مكية، قوله: " والذين لا يدعون مع الله إلها آخر " الآيات.
ومقصود هذه السورة ذكر موضع عظم القرآن، وذكر مطاعن الكفار في النبوة والرد على مقالاتهم، فمن جملتها قولهم: إن القرآن افتراه محمد، وإنه ليس من عند الله.
قوله تعالى: تبارك الذى نزل الفرقان على عبده ليكون للعلمين نذيرا (١) الذى له ملك السموت والارض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شئ فقدره تقديرا (٢) واتخذوا من دونه الهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حيوة ولا نشورا (٣) قوله تعالى: (تبارك الذى نزل الفرقان) " تبارك " اختلف في معناه، فقال الفراء:
هو في العربية و " تقدس " واحد، وهما للعظمة.
وقال الزجاج: " تبارك " تفاعل من البركة.
قال: ومعنى البركة الكثرة من كل ذى خير.
وقيل: " تبارك " تعالى.
وقيل: تعالى عطاؤه، أي زاد وكثر.
وقيل: المعنى دام وثبت إنعامه.
قال النحاس: وهذا أولاها في اللغة والاشتقاق، من برك الشئ إذا ثبت ومنه برك الجمل والطير على الماء، أي دام