الله"، يقول: هو توفيق الله ولطفه، الذي يوفق به من يشاء، ويلطف به لمن أحب من خلقه، حتى ينيب إلى طاعة الله، وإخلاص العمل له، وإقراره بالتوحيد، ورفضِ الأوثان والأصنام (١) ="ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون"، يقول: ولو أشرك هؤلاء الأنبياء الذين سميناهم، بربهم تعالى ذكره، فعبدوا معه غيره ="لحبط عنهم"، يقول: لبطل فذهبَ عنهم أجرُ أعمالهم التي كانوا يعملون، (٢) لأن الله لا يقبل مع الشرك به عملا.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"أولئك"، هؤلاء الذين سميناهم من أنبيائه ورسله، نوحًا وذريته الذين هداهم لدين الإسلام، واختارهم لرسالته إلى خلقه، هم"الذين آتيناهم الكتاب"، يعني بذلك: صحفَ إبراهيم وموسى، وزبور داود، وإنجيل عيسى صلوات الله عليهم أجمعين ="والحكم"، يعني: الفهم بالكتاب، ومعرفة ما فيه من الأحكام. وروي عن مجاهد في ذلك ما:-
١٣٥١٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا أبان قال، حدثنا مالك بن شداد، عن مجاهد:"والحكم والنبوة"، قال:"الحكم"، هو اللبُّ. (٣)
(٢) انظر تفسير"حبط" فيما سلف ٤: ٣١٧/٦: ٢٨٧/٩: ٥٩٢/١٠: ٤٠٩.
(٣) الأثر: ١٣٥١٨ -"مسلم بن إبراهيم الأزدي الفراهيدي"، مضى مرارًا آخرها رقم: ٧٤٨٧.
و"أبان" هو: "أبان بن يزيد العطار"، مضى برقم: ٣٨٣٢، ٩٦٥٦.
"مالك بن شداد" هكذا هو في المطبوعة والمخطوطة، ولم أجد له ذكرًا فيما بين يدي في الكتب، ولعله محرف عن شيء لا أعرفه.