القول في تأويل قوله: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وهذا القرآن، يا محمد ="كتاب".
* * *
وهو اسم من أسماء القرآن، قد بينته وبينت معناه فيما مضى قبلُ بما أغنى عن إعادته، ومعناه مكتوب، فوضع"الكتاب" مكان"المكتوب". (١)
* * *
="أنزلناه"، يقول: أوحيناه إليك ="مبارك"، وهو"مفاعل" من"البركة" (٢) ="مصدّق الذي بين يديه"، يقول: صدّق هذا الكتاب ما قبله من كتب الله التي أنزلها على أنبيائه قبلك، لم يخالفها [دلالة ومعنى] (٣) "نورًا وهدى للناس"، يقول: هو الذي أنزل إليك، يا محمد، هذا الكتاب مباركًا، مصدقًا كتاب موسى وعيسى وغير ذلك من كتب الله. ولكنه جل ثناؤه ابتدأ الخبر عنه، إذ كان قد تقدم [من] الخبر عن ذلك ما يدل على أنه [له] مواصل، (٤) فقال:"وهذا كتاب أنزلناه إليك مبارك"، ومعناه: وكذلك أنزلت إليك كتابي هذا مباركًا، كالذي أنزلت من التوراة إلى موسى هدى ونورًا.
* * *
وأما قوله:"ولتنذر أمَّ القرى ومن حولها"، فإنه يقول: أنزلنا إليك، يا محمد،
(٢) انظر تفسير"مبارك" فيما سلف ٧: ٢٥.
(٣) في المطبوعة: "لم يخالفها ولا ينبأ وهو معنى نورًا وهدى"، وهو كلام لا يستقيم.
وفي المخطوطة: "لم يخالفها ولا ينبأ ومعنى نورًا وهدى"، وهو غير منقوط، وهو أيضًا مضطرب، فرجحت ما كتبته بين القوسين استظهارًا لسياق المعنى.
(٤) في المطبوعة: "ما يدل على أنه به متصل"، وفي المخطوطة: "ما يدل على أنه من أصل"، فرجحت ما أثبت، وزدت"من" و"له" بين القوسين، فإن هذا هو حق المعنى إن شاء الله.