= (خالدين فيها)، يقول: لابثين فيها (١) = (إلا ما شاء الله)، يعني إلا ما شاء الله من قَدْر مُدَّة ما بين مبعثهم من قبورهم إلى مصيرهم إلى جهنم، فتلك المدة التي استثناها الله من خلودهم في النار = (إن ربك حكيم)، في تدبيره في خلقه، وفي تصريفه إياهم في مشيئته من حال إلى حال، وغير ذلك من أفعاله = (عليم)، بعواقب تدبيره إياهم، (٢) وما إليه صائرةُ أمرهم من خير وشر. (٣)
* * *
وروي عن ابن عباس أنه كان يتأول في هذا الاستثناء: أنّ الله جعل أمرَ هؤلاء القوم في مبلغ عَذَابه إيّاهم إلى مشيئته.
١٣٨٩٢- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم)، قال: إن هذه الآية: آيةٌ لا ينبغي لأحدٍ أن يحكم على الله في خلقه، أن لا ينزلهم جنَّةً ولا نارًا. (٤)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٢٩) ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل (نُوَلّي).
فقال بعضهم: معناه: نحمل بعضهم لبعض وليًّا، على الكفر بالله.

(١) انظر تفسير ((الخلود)) فيما سلف من فهارس اللغة (خلد).
(٢) انظر تفسير ((حكيم)) و ((عليم)) فيما سلف من فهارس اللغة (حكم) و (علم).
(٣) في المطبوعة: ((صائر)) بغير تاء في آخره، والصواب ما في المخطوطة. ((صائرة)) مثل ((عاقبة)) لفظًا ومعنى، ومنه قبل: ((الصائرة، ما يصير إليه النبات من اليبس)).
(٤) في المطبوعة: ((أن لا ينزلهم)) فزاد ((أن))، فأفسد المعنى إفسادًا حتى ناقض بعضه بعضًا. وإنما قوله: ((لا ينزلهم جنة ولا نارًا))، نهى للناس أن يقول: ((فلان في الجنة)) و ((فلان في النار)). ((ينزلهم)) مجزومة اللام بالناهية.


الصفحة التالية
Icon