القول في تأويل قوله: ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٤٣) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا تقريعٌ من الله جل ثناؤه العادلين به الأوثان من عبدة الأصنام، الذين بحروا البحائر، وسيَّبوا السوائب، ووصلوا الوصائل= وتعليم منه نبيَّه ﷺ والمؤمنين به، الحجةَ عليهم في تحريمهم ما حرموا من ذلك. فقال للمؤمنين به وبرسوله: وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات، ومن الأنعام أنشأ حمولة وفرشًا. ثم بين جل ثناؤه"الحمولة" و"الفرش"، فقال: (ثمانية أزواج).
* * *
وإنما نصب"الثمانية"، لأنها ترجمة عن"الحمولة" و"الفرش"، وبدل منها. كأن معنى الكلام: ومن الأنعام أنشأ ثمانية أزواج= فلما قدّم قبل"الثمانية""الحمولة" و"الفرش" بيّن ذلك بعد فقال: (ثمانية أزواج)، على ذلك المعنى.
* * *
(من الضأن اثنين ومن المعز اثنين)، فذلك أربعة، لأن كل واحد من الأنثيين من الضأن زوج، فالأنثى منه زوج الذكر، والذكر منه زوج الأنثى، وكذلك ذلك من المعز ومن سائر الحيوان. فلذلك قال جل ثناؤه: (ثمانية أزواج)، كما قال: (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ)، [سورة الذاريات: ٤٩]، لأن الذَّكر زوج الأنثى، والأنثى زوج الذكر، فهما وإن كانا اثنين فيهما زوجان، كما قال جل ثناؤه: (وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا)، [سورة الأعراف: ١٨٩]، وكما قال: (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ)، [سورة الأحزاب: ٣٧]، وكما:-
١٤٠٦٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية، عن جويبر، عن


الصفحة التالية
Icon