وقال بعض نحويي البصرة: إنما نصب ذلك، لأنه لما قال: (هداني ربي إلى صراط مستقيم)، قد أخبر أنه عرف شيئًا، فقال:"دينًا قيمًا"، كأنه قال: عرفت دينًا قيما ملّة إبراهيم.
* * *
وأما معنى الحنيف، فقد بينته في مكانه في"سورة البقرة" بشواهده، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (١)
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (قل)، يا محمد، لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان والأصنام، الذين يسألونك أن تتبع أهواءهم على الباطل من عبادة الآلهة والأوثان = (إن صلاتي ونسكي)، يقول: وذبحي (٢) = (ومحياي)، يقول: وحياتي = (ومماتي) يقول: ووفاتي = (لله رب العالمين)، يعني: أن ذلك كله له خالصًا دون ما أشركتم به، أيها المشركون، من الأوثان = (لا شريك له) في شيء من ذلك من خلقه، ولا لشيء منهم فيه نصيب، لأنه لا ينبغي أن يكون ذلك إلا له خالصًا = (وبذلك أمرت)، يقول: وبذلك أمرني ربي = (وأنا أول المسلمين)، يقول: وأنا أوّل من أقرَّ وأذْعن وخضع من هذه الأمة لربه بأن ذلك كذلك. (٣)
* * *
(٢) انظر تفسير ((النسك)) فيما سلف ٣: ٧٧ - ٨٠ / ٤: ٨٦، ١٩٥.
(٣) انظر تفسير ((الإسلام)) فيما سلف من فهارس اللغة (سلم).