بعد أن أهبط منها إبليس وأخرجه منها، وأباح لهما أن يأكلا من ثمارها من أيّ مكان شاءا منها، ونهاهما أن يقربا ثمر شجرة بعينها.
* * *
وقد ذكرنا اختلاف أهل التأويل في ذلك، وما نرى من القول فيه صوابًا، في غير هذا الموضع، فكرهنا إعادته. (١)
* * *
= (فتكونا من الظالمين)، يقول: فتكونا ممن خالف أمر ربِّه، وفعل ما ليس له فعله.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (فوسوس لهما)، فوسوس إليهما، وتلك "الوسوسة" كانت قوله لهما: (ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين)، وإقسامه لهما على ذلك.
* * *
وقيل:"وسوس لهما"، والمعنى ما ذكرت، كما قيل:"غَرِضت إليه"، بمعنى: اشتقْتُ إليه، وإنما تعني: غَرضت من هؤلاء إليه. (٢) فكذلك معنى ذلك.
(٢) في المطبوعة: ((كما قيل: عرضت له، بمعنى: استبنت إليه))، غير ما في المخطوطة تغييرًا تامًا، فأتانا بلغو مبتذل لا معنى له. وكان في المخطوطة: ((كما قيل: عرضت إليه بمعنى: اشتقت إليه))، هكذا، وصواب قراءتها ما أثبت.
وقوله: ((غرضت إليه)) بمعنى: اشتقت إليه، ((إنما تعني: غرضت من هؤلاء إليه))، هذا كأنه نص قول الأخفش في تفسير قول ابن هرمة:
مَنْ ذَا رَسُولٌ ناصِحٌ فَمُبَلِّغٌ | عَنِّي عُلَيَّةَ غَيْرَ قَوْلِ الكاذِبِ ؟ |
أَنِّي غَرِضْتُ إلَى تَنَاصُفِ وَجْهِهَا | غَرَضَ المُحِبِّ إلى الحَبِيبِ الغائِبِ |
وموضع الاستشهاد أن ((الوسوسة)) الصوت الخفي من حديث النفس، فنقل إبليس ما حاك في نفسه إليهما، فلذلك أدخل على ((الوسوسة)) ((اللام)) و ((إلى)). ولكن أبا جعفر أدمج الكلام ههنا إدماجًا.