من عذاب الله ونقمته، استعجالا منهم للعذاب= (إن كنت من المرسلين)، يقول: إن كنت لله رسولا إلينا، فإن الله ينصر رسله على أعدائه، فعجَّل ذلك لهم كما استعجلوه، يقول جل ثناؤه: (فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين).
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٧٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فأخذت الذين عقروا الناقةَ من ثمود = (الرجفة)، وهي الصيحة.
* * *
و"الرجفة"،"الفعلة"، من قول القائل:"رجَف بفلان كذا يرجُفُ رجْفًا"، وذلك إذا حرَّكه وزعزعه، كما قال الأخطل:
إِمَّا تَرَيْنِي حَنَانِي الشَّيْبُ مِنْ كِبَرٍ | كَالنَّسْرِ أَرْجُفُ، وَالإنْسَانُ مَهْدُودُ (١) |
(١) ديوانه: ١٤٦ من قصيدة له جيدة، قالها في يزيد بن معاوية، وذكر فيها الشباب ذكرًا عجبًا، وقد رأى إعراض الغواني عنه من أجله، يقول بعده:
وهي أبيات ملئت عاطفة وحزنًا وحسرة، فاحفظها.
وَقَدْ يَكُونُ الصِّبَى مِنِّي بِمَنْزِلَةٍ | يَوْمًا، وتَقْتَادُنِي الهِيفُ الرَّعَادِيدُ |
يَا قَلَّ خَيْرُ الغَوَانِي، كيف رُغْنَ بِهِ | فَشُرْبُهُ وَشَلٌ فِيهِنَّ تَصْرِيدُ |
أَعْرَضْنَ مِنْ شَمَطٍ في الرَّأْسِ لاحَ بِهِ | فَهُنّ مِنْهُ، إِذَا أَبْصَرْنَهُ، حِيدُ |
قَدْ كُنَّ يَعْهَدْنَ مِنِّي مَضْحَكًا حَسَنًا | وَمَفْرِقًا حَسَرَتْ عَنْهُ العَنَاقِيدُ |
فَهُنَّ يَشْدُونَ مِنِّي بَعْضَ مَعْرِفَةٍ، | وَهُنَّ بالوُدِّ، لا بُخْلٌ ولا جُودُ |
قَدْ كَانَ عَهْدِي جَدِيدًا، فَاسْتُبِدَّ بِهِ، | وَالعَهْدُ مُتَّبَعٌ مَا فِيهِ، مَنشُودُ |
لا أَنْتَ بَعْلٌ يُسْتَقَادُ لَهُ، | وَلا الشَّبَابُ الَّذِي قَدْ فَاتَ مَرْدُودُ |
هَلْ لِلشَّبَابِ الذي قَدْ فَاتَ مرْدُودُ ؟ | أَمْ هَلْ دَوَاءٌ يَرُدُّ الشِّيبَ مَوْجُودُ ؟ |
لَنْ يَرْجِعَ الشِّيبُ شُبَّانًا، وَلَنْ يَجِدُوا | عِدْلَ الشَّبَابِ، مَا أَوْرَقَ العُودُ |
إِنَّ الشَّبَابَ لَمَحْمُودٌ بَشَاشَتُهُ | والشَّيْبُ مُنْصَرفٌ عَنْهُ وَمَصْدُودُ |