"الحسنات" التي ذكرها جل ثناؤه (١) ويعني ب"السيئات"، الشدة في العيش، والشظف فيه، والمصائب والرزايا في الأموال (٢) = "لعلهم يرجعون"، يقول: ليرجعوا إلى طاعة ربهم وينيبوا إليها، ويتوبوا من معاصيه.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فخلف من بعد هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم (٣) = "خلف" يعني: خَلف سوء. يقول: حدث بعدهم وخلافَهم، وتبدل منهم، بَدَلُ سَوْءٍ.
* * *
يقال منه: "هو خَلَف صِدْقٍ"، "وخَلْفُ سَوْءٍ"، وأكثر ما جاء في المدح بفتح "اللام"، وفي الذم بتسكينها، وقد تحرَّك في الذم، وتسكّن في المدح، ومن ذلك في تسكينها في المدح قول حسان:
لَنَا القَدَمُ الأُولَى إلَيْكَ، وَخَلْفُنَا لأَوَّلِنَا فِي طَاعَةِ اللهِ تَابِعُ (٤)

(١) (١) انظر تفسير ((الحسنات)) فيما سلف من فهارس اللغة (حسن).
(٢) (٢) انظر تفسير ((السيئات)) فيما سلف من فهارس اللغة (سوأ).
(٣) (٣) انظر تفسير ((خلف)) فيما سلف ص: ١٢٢، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٤) (٤) ديوانه: ٢٥٤، وسيرة ابن هشام ٣: ٢٨٣ واللسان (خلف)، وسيأتي في التفسير ١١: ٥٩ بولاق، من قصيدة بكى فيها سعد بن معاذ، في يوم بنى قريظة ورجالا من أصحاب رسول الله ﷺ من الشهداء. وقوله: ((القدم الأولى))، يعنى سابقة الأنصار في الإسلام. وروى السيرة: ((في ملة الله تابع)).


الصفحة التالية
Icon