مثال تطبيقي في تفسير سورة تفسيرًا موضوعيًّا: "القيم في ضوء سورة الكهف"
تمهيد:
إن كنوز القرآن ضخمة ومتنوعة وموضوعاته كثيرة متشعبة واسعة المساحة، تبدأ من الكون المحيط بأجزائه الصغيرة بدءًا من الذرة وانتهاء بالمجرات والأفلاك التي تدور فيها، والأنظمة الدقيقة والتناسق المحكم الذي يسود ذلك كله.
وتبدأ من داخل النفس الإنسانية، من خلجات القلب وخطرات النفس ووساوس الفكر غلى أسرار علم الغيب الذي استأثر الله سبحانه وتعالى به.
إن من يبدأ تلاوة القرآن الكريم بتدبر تثيره أشياء كثيرة وتلفت نظره وتستجيش مشاعره، وهي آثار حسنة للتلاوة المتدبرة، ولكنها في الغالب فهوم آنية ومشاعره وقتية ربما تنتهي بالفراغ من التلاوة. أما إذا بدأ تالي القرآن -الباحث عن أسراره- تلاوته بعد تحديد هدف معين يسعى للوصول إليه من خلال تلاوة السورة١ التي يقبل على تلاوتها فإنه ينظر بعين فاحصة إلى أنواع الروابط بين الهدف المحدد وبين مقاطع السورة، وسياق الآيات التي تتحدث عنه، بل وسيلحظ تلك الروابط من خلال الكلمات المختارة بعناية فائقة لإبراز المعاني التي تحملها العبارات التي تنساب إلى العقل والقلب، وسيشعر أن روحًا معينة تسري في كيانه، وأن أنوار القرآن تشع في جنباته لتنقله من حالة إلى حالة: يستلهم فيها المعاني من المفردات والألفاظ التي ينطق بها إلى إدراك الروح التي تنساب من خلال الآيات الكريمة.
إن معايشة القرآن الكريم بنية خالصة وبمنهج معين تعطي ثمارًا يانعة ونتائج