وغيره: (١) أنه لا يجوز أن يحكم لحكم آية بنسخ، وله في غير النسخ وجه، إلا بحجة يجب التسليم لها، من خبر يقطع العذر، أو حجة عقل، ولا حجة من هذين المعنيين تدل على نسخ حكم قول الله عز وجل: (ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفًا لقتال أو متحيزًا إلى فئة).
* * *
وأما قوله: (فقد باء بغضب من الله)، يقول: فقد رجع بغضب من الله (٢) = (ومأواه جهنم)، يقول: ومصيره الذي يصير إليه في معاده يوم القيامة جهنم (٣) = "وبئس المصير"، يقول: وبئس الموضع الذي يصير إليه ذلك المصير. (٤)
* * *

(١) انظر ما قاله في " النسخ "، في فهارس الموضوعات، وفي فهارس اللغة والنحو وغيرها.
(٢) انظر تفسير " باء " فيما سلف ١٠: ٢١٦، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير " مأوى " فيما سلف ١٠: ٤٨١، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٤) انظر تفسير " المصير " فيما سلف ٩: ٢٠٥، تعليق: ٥، والمراجع هناك.

القول في تأويل قوله: ﴿فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٧) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله، ممن شهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاتل أعداء دينه معه من كفار قريش: فلم تقتلوا المشركين، أيها المؤمنون، أنتم، ولكن الله قتلهم.
* * *
وأضاف جل ثناؤه قتلهم إلى نفسه، ونفاه عن المؤمنين به الذين قاتلوا المشركين، إذ كان جل ثناؤه هو مسبِّب قتلهم، وعن أمره كان قتالُ المؤمنين إياهم. ففي ذلك أدلُّ الدليل على فساد قول المنكرين أن يكون لله في أفعال خلقه صُنْعٌ به وَصَلوا إليها.


الصفحة التالية
Icon