(لا تَحْسَبَنَّ)، بالتاء (الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ)، بكسر الألف من "إنهم"، (لا يُعْجِزُونَ)، بمعنى: ولا تحسبن أنت، يا محمد، الذين جحدوا حجج الله وكذبوا بها، سبقونا بأنفسهم ففاتونا، إنهم لا يعجزوننا =أي: يفوتوننا بأنفسهم، ولا يقدرون على الهرب منا، (١) كما:-
١٦٢٢٣- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون)، يقول: لا يفوتون.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ (٦٠) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (وأعدوا)، لهؤلاء الذين كفروا بربهم، الذين بينكم وبينهم عهد، إذا خفتم خيانتهم وغدرهم، أيها المؤمنون بالله ورسوله = (ما استطعتم من قوة)، يقول: ما أطقتم أن تعدّوه لهم من الآلات التي تكون قوة لكم عليهم، (٢) من السلاح والخيل= (ترهبون به عدو الله وعدوكم)، يقول: تخيفون بإعدادكم ذلك عدوَّ الله وعدوكم من المشركين.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٢٢٤- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت أسامة بن زيد، عن صالح بن كيسان، عن رجل من جهينة، يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)، ألا إنَّ الرمي هو القوة، ألا إنّ الرمي هو القوة. (٣)

(١) انظر تفسير " أعجز " فيما سلف ١٢: ١٢٨.
(٢) انظر تفسير " الاستطاعة "، فيما سلف ٤: ٣١٥ ٩: ٢٨٤.
(٣) الأثر: ١٦٢٢٤ - " ابن إدريس "، وهو " عبد الله بن إدريس الأودي " الإمام، مضى مرارًا. وكان في المطبوعة والمخطوطة: " أبو إدريس " وهو خطأ صرف.
و" أسامة بن زيد الليثي "، ثقة، مضى برقم: ٢٨٦٧، ٣٣٥٤.
و" صالح بن كيسان المدني "، روى له الجماعة، مضى برقم: ١٠٢٠، ٥٣٢١.
وسيأتي هذا الخبر من طرق أخرى رقم: ١٦٢٢٦ - ١٦٢٢٨، وسأذكرها عند كل واحد منها، وانظر تخريج الخبر التالي.


الصفحة التالية
Icon