نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وأَنْتَ بِمَا عِنْدَكَ رَاض، وَالرَّأْيُ مُخْتَلِفُ (١)
فقال: "راض"، ولم يقل: "رضوان"، وقال الآخر: (٢)
إِنَّ شَرْخَ الشَّبَابِ والشَّعَرَ الأسْ وَدَ مَا لَمْ يُعَاصَ كانَ جُنُونَا (٣)
فقال: "يعاص"، ولم يقل: "يعاصيا" في أشياء كثيرة. ومنه قول الله: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا)، [سورة الجمعة: ١١]، ولم يقل: "إليهما"
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنزتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنزونَ (٣٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فبشر هؤلاء الذين يكنزون الذهب والفضة، ولا يخرجون حقوق الله منها، يا محمد، بعذاب أليم = (يوم يحمى عليها في نار جهنم)، فـ "اليوم" من صلة "العذاب الأليم"، كأنه قيل: يبشرهم بعذاب أليم، يعذبهم الله به في يوم يحمى عليها.
(١) جمهرة أشعار العرب: ١٢٧، سيبويه ١: ٣٧، ٣٨ (منسوبا لقيس بن الخطيم، وهو خطأ)، ومعاني القرآن للفراء ١: ٤٣٤، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٥٨، الخزانة ٢: ١٩٠، وغيرها، ومضى بيت منها ٢: ٢١، وسيأتي في التفسير ٢٢: ٦٨ / ٢٦: ٩٩ (بولاق) من قصيدة قالها لمالك بن العجلان النجاري، في خبر طويل، يقول له:
يا مَالِ، والسَّيِّدُ المُعَمَّمُ قَدْ يَطْرَأُ فِي بَعْضِ رأيِهِ السَّرَفُ
خالَفْتَ فِي الرأيِ كُلَّ ذِي فَخَرٍ وَالحقُّ، يا مَالِ، غيرُ مَا تَصِفُ.
(٢) هو حسان بن ثابت.
(٣) ديوانه: ٤١٣، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٥٨، والكامل ٢: ٧٩، واللسان (شرخ)، و " الشرخ ": الحد، أي غاية ارتفاعه، يعني بذلك: أقصى قوته ونضارته وعنفوانه.


الصفحة التالية
Icon