بَابُ مِيرَاثِ الْجَدِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إلَهًا وَاحِدًا ﴾ فَسَمَّى الْجَدَّ وَالْعَمَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَبًا، وَقَالَ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ :﴿ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ﴾ وَقَدْ احْتَجَّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِذَلِكَ فِي تَوْرِيثِ الْجَدِّ دُونَ الْإِخْوَةِ.
وَرَوَى الْحَجَّاجُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :" مَنْ شَاءَ لَاعَنْتُهُ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ أَنَّ الْجَدَّ أَبٌ وَاَللَّهِ مَا ذَكَرَ اللَّهُ جَدًّا وَلَا جَدَّةً إلَّا أَنَّهُمْ الْآبَاءُ ﴿ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ﴾.
وَاحْتِجَاجُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَوْرِيثِ الْجَدِّ دُونَ الْإِخْوَةِ وَإِنْزَالِهِ مَنْزِلَةَ الْأَبِ فِي الْمِيرَاثِ عِنْدَ فَقْدِهِ يَقْتَضِي جَوَازَ الِاحْتِجَاجِ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ﴾ فِي اسْتِحْقَاقِهِ الثُّلُثَيْنِ دُونَ الْإِخْوَةِ كَمَا يَسْتَحِقُّ الْأَبُ دُونَهُمْ إذَا كَانَ بَاقِيًا ؛ وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ اسْمِ الْأَبِ يَتَنَاوَلُ الْجَدَّ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ حُكْمُهُ وَحُكْمُ الْأَبِ فِي الْمِيرَاثِ ؛ إذْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ ؛ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فِي آخَرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ، قَالَ عُثْمَانُ : قَضَى أَبُو بَكْرٍ أَنَّ الْجَدَّ أَبٌ، وَأَطْلَقَ اسْمَ الْأُبُوَّةِ عَلَيْهِ.
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الْجَدِّ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِخْوَةِ مَا لَمْ تَنْقُصْهُ الْمُقَاسَمَةُ مِنْ الثُّلُثِ فَيُعْطَى الثُّلُثَ وَلَمْ يُنْقِصْ مِنْهُ شَيْئًا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى بِقَوْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْجَدِّ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَحَدِ الْإِخْوَةِ مَا لَمْ تَنْقُصْهُ الْمُقَاسَمَةُ مِنْ السُّدُسِ، فَيُعْطَى السُّدُسَ وَلَمْ


الصفحة التالية
Icon