بَابُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي جَوَازِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَرَوَى مِقْسَمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :" مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ أَنْ لَا يُحْرِمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ " وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ :" لَا يُحْرِمُ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ " وَرَوَى مِثْلَهُ عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ وَعِكْرِمَةَ.
وَقَالَ عَطَاءٌ :" مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ :" إنَّ إتْمَامَهُمَا أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ " وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ كَانَ بَيْنَ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةٌ بَعِيدَةٌ أَوْ قَرِيبَةٌ.
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ جَوَازُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَمَا رَوَاهُ مِقْسَمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ أَنْ لَا تُحْرِمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ يَدُلُّ ظَاهِرُهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ حَتْمًا وَاجِبًا.
وَرُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ جَوَازُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا وَمَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ.
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنُ حَيٍّ :" إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ جَعَلَهُ عُمْرَةً، فَإِذَا أَدْرَكَتْهُ أَشْهُرُ الْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً مَضَى فِي الْحَجِّ وَأَجْزَأَهُ ".
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ :" يَجْعَلُهَا عُمْرَةً ".
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :" يَكُونُ عُمْرَةً ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ قَدَّمْنَا فِيمَا سَلَفَ ذِكْرُ وَجْهِ الدَّلَالَةِ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ مِنْ قَوْله تَعَالَى :﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾ وَأَنَّ ذَلِكَ عُمُومٌ فِي كَوْنِ الْأَهِلَّةِ كُلِّهَا وَقْتًا لِلْحَجِّ.
وَلَمَّا كَانَ مَعْلُومًا


الصفحة التالية
Icon