ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي أَقَلِّ مُدَّةِ الطُّهْرِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَالشَّافِعِيُّ :" أَقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا " وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ.
وَأَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَإِنَّهُ لَا يُوَقِّتُ فِيهِ شَيْئًا فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْهُ أَنَّ الطُّهْرَ لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ :" قَدْ يَكُونُ الطُّهْرُ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى مِقْدَارِ طُهْرِ الْمَرْأَةِ قَبْلَ ذَلِكَ ".
وَقَدْ حُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ طُهْرَ الْمَرْأَةِ أَقَلُّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ جَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَهَا.
وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ أَنَّهُ قَالَ :" أَقَلُّ الطُّهْرِ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا " وَاحْتَجَّ فِيهِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ عَدْلَ كُلِّ حَيْضَةٍ وَطُهْرٍ شَهْرًا، وَالْحَيْضُ فِي الْعَادَةِ أَقَلُّ مِنْ الطُّهْرِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْحَيْضُ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَشَرَةً وَأَنْ يَكُونَ بَاقِي الشَّهْرِ طُهْرًا وَهُوَ تِسْعَةَ عَشَرَ ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا.
وَقَدْ حَكَيْنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ الطُّهْرَ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَقَلَّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الشَّهْرَ الْوَاحِدَ بَدَلًا مِنْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الطُّهْرُ أَكْثَرَ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِحَمْنَةَ :﴿ تَحِيضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتَّا أَوْ سَبْعًا كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ فِي كُلِّ شَهْرٍ ﴾ فَأَثْبَتَ السِّتَّ أَوْ السَّبْعَ حَيْضًا وَجَعَلَ فِي الشَّهْرِ طُهْرًا، اقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ هَذَا حُكْمَ جَمِيعِ النِّسَاءِ مَا لَمْ تَقُمْ الدَّلَالَةُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَمْ تَقُمْ عَلَى عَشَرَةٍ وَلَا عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ، فَلَا يَكُونُ