ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الطَّلَاقِ بَعْدَ الْخَلْوَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : تَنَازَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ :﴿ وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ﴾ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَسِيسِ الْمُرَادِ بِالْآيَةِ، فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ :( إذَا أَغْلَقَ بَابًا وَأَرْخَى سِتْرًا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَلَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ ).
وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :( لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا ) وَهُوَ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَإِبْرَاهِيمَ فِي آخَرِينَ مِنْ التَّابِعِينَ.
وَرَوَى فِرَاسٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ :( لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَإِنْ قَعَدَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا )، وَالشَّعْبِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مُرْسَلٌ ؛ وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ مِثْل قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ عَنْ عُمَرَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ :( إذَا فَرَضَ الرَّجُلُ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمَتَاعُ ).
فَمِنْ النَّاسِ مَنْ ظَنَّ أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذَا كَقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ( فَرَضَ ) يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا، وَقَوْلَهُ ( قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ ) يُرِيدُ قَبْلَ الْخَلْوَةِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَأَوَّلَهُ عَلَى الْخَلْوَةِ فِي حَدِيثِ طَاوُسٍ عَنْهُ، فَأَوْجَبَ لَهَا الْمُتْعَةَ قَبْلَ الْخَلْوَةِ.
وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرٌ :( الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ تَمْنَعُ سُقُوطَ شَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَطِئَ أَوْ لَمْ يَطَأْ ؛ وَهِيَ أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُحْرِمًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ لَمْ تَكُنْ حَائِضًا أَوْ صَائِمَةً فِي رَمَضَانَ أَوْ رَتْقَاءَ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ كَذَلِكَ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَجَبَ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ إذَا لَمْ يَطَأْهَا، وَالْعِدَّةُ وَاجِبَةٌ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إنْ طَلَّقَهَا فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ).
وَقَالَ


الصفحة التالية
Icon