بَابُ النَّهْي عَنْ النُّشُوزِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ ﴾.
قِيلَ فِي مَعْنَى تَخَافُونَ مَعْنَيَانِ : أَحَدِهِمَا : يَعْلَمُونَ ؛ لِأَنَّ خَوْفَ الشَّيْءِ إنَّمَا يَكُونُ لِلْعِلْمِ بِمَوْقِعِهِ، فَجَازَ أَنْ يُوضَعَ مَكَانَ " يَعْلَمُ " " يَخَافُ " كَمَا قَالَ أَبُو مِحْجَنِ الثَّقَفِيِّ : وَلَا تَدْفِنَنِّي بِالْفَلَاةِ فَإِنَّنِي أَخَافُ إذَا مَا مِتُّ أَنْ لَا أَذُوقَهَا وَيَكُونُ خِفْت بِمَعْنَى ظَنَنْت، وَقَدْ ذَكَرُهُ الْفَرَّاءُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ :" هُوَ الْخَوْفُ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَمْنِ، كَأَنَّهُ قِيلَ : تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ بِعِلْمِكُمْ بِالْحَالِ الْمُؤْذِنَةِ بِهِ ".
وَأَمَّا النُّشُوزُ، فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَعَطَاءً وَالسُّدِّيَّ قَالُوا :" أَرَادَ بِهِ مَعْصِيَةَ الزَّوْجِ فِيمَا يَلْزَمُهَا مِنْ طَاعَتِهِ "، وَأَصْلُ النُّشُوزِ التَّرَفُّعُ عَلَى الزَّوْجِ بِمُخَالَفَتِهِ، مَأْخُوذٌ مِنْ نَشَزِ الْأَرْضِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُرْتَفِعُ مِنْهَا.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ فَعِظُوهُنَّ ﴾، يَعْنِي خَوِّفُوهُنَّ بِاَللَّهِ وَبِعِقَابِهِ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ :" هَجْرُ الْكَلَامِ ".
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ :" هَجْرُ الْجِمَاعِ ".
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ :" هَجْرُ الْمُضَاجَعَةِ ".
وَقَوْلُهُ :﴿ وَاضْرِبُوهُنَّ ﴾، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :" إذَا أَطَاعَتْهُ فِي الْمَضْجَعِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا ".
وَقَالَ مُجَاهِدٌ :" إذَا نَشَزَتْ عَنْ فِرَاشِهِ يَقُولُ لَهَا اتَّقِي اللَّهَ وَارْجِعِي ".
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةٍ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا : حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنَّهُ خَطَبَ بِعَرَفَاتٍ فِي بَطْنِ الْوَادِي فَقَالَ : اتَّقُوا


الصفحة التالية
Icon