بَابُ قَتْلِ الْخَطَإِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إلَّا خَطَأً ﴾.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى " كَانَ " هَهُنَا، فَقَالَ قَتَادَةُ :" مَعْنَاهُ مَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِي حُكْمِ اللَّهِ وَأَمْرِهِ ".
وَقَالَ آخَرُونَ :" مَا كَانَ لَهُ سَبَبُ جَوَازِ قَتْلٍ ".
وَقَالَ آخَرُونَ :" مَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا سَلَفِ كَمَا لَيْسَ لَهُ الْآنَ ".
وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي مَعْنَى " إلَّا " فَقَالَ قَائِلُونَ : هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ بِمَعْنَى لَكِنْ قَدْ يَقْتُلُهُ خَطَأً، فَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ كَيْتَ وَكَيْتَ، وَهُوَ كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ : وَقَفْت فِيهَا أُصَيْلَالًا أُسَائِلُهَا عَيَّتْ جَوَابًا وَمَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ إلَّا الْأَوَارِيَ لَأْيًا مَا أُبَيِّنُهَا وَالنُّؤْيُ كَالْحَوْضِ بِالْمَظْلُومَةِ الْجَلَدِ وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ قَدْ أَفَادَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ خَطَأً فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَهُوَ أَنْ يَرَى عَلَيْهِ سِيمَا الْمُشْرِكِينَ أَوَيَجِدُهُ فِي حَيِّزِهِمْ فَيَظُنَّهُ مُشْرِكًا فَجَائِزٌ لَهُ قَتْلُهُ وَهُوَ خَطَأٌ ؛ كَمَا رُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ :﴿ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَاتَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَخْطَأَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ بِأَبِيهِ يَحْسَبُونَهُ مِنْ الْعَدُوِّ وَكَرُّوا عَلَيْهِ بِأَسْيَافِهِمْ، فَطَفِقَ حُذَيْفَةُ يَقُولُ : إنَّهُ أَبِي فَلَمْ يَفْهَمُوا قَوْلَهُ حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ : يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَبَلَغَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَادَتْ حُذَيْفَةَ عِنْدَهُ خَيْرًا ﴾.
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ مَعْنَاهُ : وَلَا خَطَأَ ؛ لِأَنَّ قَتْلَ الْمُؤْمِنِ غَيْرُ مُبَاحٍ بِحَالِ قِتَالٍ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مَحْمُولًا عَلَى حَقِيقَتِهِ.
وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ " إلَّا " لَمْ تُوجَدْ بِمَعْنَى " وَلَا ".
وَالثَّانِي : مَا أَنْكَرَهُ مِنْ امْتِنَاعِ إبَاحَةِ قَتْلِ