بَابُ شِبْهِ الْعَمْدِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَصْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْعَمْدَ مَا كَانَ بِسِلَاحٍ أَوْ مَا يَجْرِي مُجْرَاهُ، مِثْلُ الذَّبْحِ بِلِيطَةِ قَصَبَةٍ أَوْ شَقَّةِ الْعَصَا أَوْ بِكُلِّ شَيْءٍ لَهُ حَدٌّ يَعْمَلُ عَمَلَ السِّلَاحِ أَوْ بِحَرْقِهِ بِالنَّارِ ؛ فَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَهُ عَمْدٌ مَحْضٌ فِيهِ الْقِصَاصُ ؛ وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ خِلَافًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ :" مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْقَتْلِ بِالْعَصَا وَالْحَجَرِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا فَهُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ، وَكَذَلِكَ التَّغْرِيقُ فِي الْمَاءِ ؛ وَفِيهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ " وَلَا يَكُونُ التَّغْلِيظُ عِنْدَهُ إلَّا فِي أَسْنَانِ الْإِبِلِ خَاصَّةً دُونَ عَدَدِهَا.
وَلِي فِيمَا دُونَ النَّفْسِ شِبْهُ عَمْدٍ بَلْ بِأَيِّ شَيْءٍ ضَرَبَهُ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ إذَا أَمْكَنَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَيْهِ أَرْشُهُ مُغَلَّظًا إذَا كَانَ مِنْ الْإِبِلِ بِقِسْطِ مَا يَجِبُ.
وَأَصْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ مَا لَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ كَاللَّطْمَةِ الْوَاحِدَةِ وَالضَّرْبَةِ الْوَاحِدَةِ بِالسَّوْطِ، وَلَوْ كَرَّرَ ذَلِكَ حَتَّى صَارَ جُمْلَتُهُ مِمَّا يَقْتُلُ كَانَ عَمْدًا وَفِيهِ الْقِصَاصُ بِالسَّيْفِ، وَكَذَلِكَ إذَا غَرَّقَهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْخَلَاصُ مِنْهُ ؛ وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ، إلَّا أَنَّهُ يَجْعَلُ دِيَةَ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي مَالِهِ.
وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ :" وَمَا كَانَ مِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ فَهُوَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، يَبْدَأُ بِمَالِهِ فَيُؤْخَذُ حَتَّى لَا يُتْرَكُ لَهُ شَيْءٌ، فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ كَانَ مَا بَقِيَ مِنْ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ ".
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ :" إذَا ضَرَبَهُ بِعَصَا أَوْ رَمَاهُ بِحَجَرٍ أَوْ ضَرَبَهُ عَمْدًا فَهُوَ عَمْدٌ وَفِيهِ الْقِصَاصُ، وَمِنْ الْعَمْدِ أَنْ يَضْرِبَهُ فِي نَائِرَةٍ تَكُونُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَنْصَرِفُ عَنْهُ وَهُوَ حَيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ، فَتَكُونُ فِيهِ الْقَسَامَةُ ".
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ :" شِبْهُ الْعَمْدِ بَاطِلٌ، إنَّمَا


الصفحة التالية
Icon