بَابُ مِنْ أَيْنَ يُقْطَعُ السَّارِقُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ وَاسْمُ الْيَدِ يَقَعُ عَلَى هَذَا الْعُضْوِ إلَى الْمَنْكِبِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ عَمَّارًا تَيَمَّمَ إلَى الْمَنْكِبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ﴾ وَلَمْ يُخْطِئْ مِنْ طَرِيقِ اللُّغَةِ ؛ وَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ لِوُرُودِ السُّنَّةِ بِخِلَافِهِ.
وَيَقَعُ عَلَى الْيَدِ إلَى مَفْصِلِ الْكَفِّ أَيْضًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ إذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ﴾ وَقَدْ عُقِلَ بِهِ مَا دُونَ الْمِرْفَقِ.
وَقَالَ تَعَالَى لِمُوسَى :﴿ وَأَدْخِلْ يَدَك فِي جَيْبِك تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ﴾ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ إلَى الْمِرْفَقِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى :﴿ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ ﴾ فَلَوْ لَمْ يَقَعْ الِاسْمُ عَلَى مَا دُونَ الْمِرْفَقِ لَمَا ذَكَرَهَا إلَى الْمَرَافِقِ ؛ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى وُقُوعِ الِاسْمِ إلَى الْكُوعِ، فَلَمَّا كَانَ الِاسْمُ يَتَنَاوَلُ هَذَا الْعُضْوَ إلَى الْمَفْصِلِ وَإِلَى الْمِرْفَقِ تَارَةً وَإِلَى الْمَنْكِبِ اقْتَضَى عُمُومُ اللَّفْظِ الْقَطْعَ مِنْ الْمَنْكِبِ إلَّا أَنْ تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا دُونَهُ.
وَجَائِزٌ أَنْ يُقَالَ إنَّ الِاسْمَ لَمَّا تَنَاوَلَهَا إلَى الْكُوعِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ إنَّ ذَلِكَ بَعْضُ الْيَدِ بَلْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْيَدِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ وَإِنْ كَانَ قَدْ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَا فَوْقَهُ إلَى الْمِرْفَقِ تَارَةً وَإِلَى الْمَنْكِبِ أُخْرَى ثُمَّ قَالَ تَعَالَى :﴿ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ وَكَانَتْ الْيَدُ مَحْظُورَةً فِي الْأَصْلِ فَمَتَى قَطَعْنَاهَا مِنْ الْمَفْصِلِ فَقَدْ قَضَيْنَا عُهْدَةَ الْآيَةِ، لَمْ يَجُزْ لَنَا قَطْعُ مَا فَوْقَهُ إلَّا بِدَلَالَةٍ، كَمَا لَوْ قَالَ :" أَعْطِ هَذَا رِجَالًا " فَأَعْطَاهُ ثَلَاثَةً مِنْهُمْ فَقَدْ فَعَلَ الْمَأْمُورَ بِهِ ؛ إذْ كَانَ الِاسْمُ يَتَنَاوَلُهُمْ، وَإِنْ كَانَ اسْمُ الرِّجَالِ يَتَنَاوَلُ مَا فَوْقَهُمْ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : يَلْزَمُكُمْ فِي


الصفحة التالية
Icon