بَابُ سُهْمَانِ الْخَيْلِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ﴾ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ، وَهُوَ خِطَابٌ لِجَمِيعِ الْغَانِمِينَ وَقَدْ شَمِلَهُمْ هَذَا الِاسْمُ، أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ﴾ قَدْ عُقِلَ مِنْ ظَاهِرِهِ اسْتِحْقَاقُهُنَّ لِلثُّلُثَيْنِ عَلَى الْمُسَاوَاةِ ؟ وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ : هَذَا الْعَبْدُ لِهَؤُلَاءِ أَنَّهُ لَهُمْ بِالْمُسَاوَاةِ مَا لَمْ يَذْكُرْ التَّفْضِيلَ، كَذَلِكَ مُقْتَضَى قَوْله تَعَالَى :﴿ غَنِمْتُمْ ﴾ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونُوا مُتَسَاوِينَ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ :﴿ غَنِمْتُمْ ﴾ عِبَارَةٌ عَنْ مِلْكِهِمْ لَهُ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي سَهْمِ الْفَارِسِ ذِكْرُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ :﴿ لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ ﴾.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ :﴿ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ ﴾.
وَرُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ الْمُنْذِرِ بْن أَبِي حِمَّصَةَ عَامِلِ عُمَرَ أَنَّهُ جَعَلَ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا فَرَضِيَهُ عُمَرُ وَمِثْلُهُ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ.
وَرَوَى شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ : قَدِمَ قُثَمُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَلَى سَعِيدِ بْنِ عُثْمَانَ بِخُرَاسَانَ وَقَدْ غَنِمُوا، فَقَالَ : جُعْلُ جَائِزَتِك أَنْ أَضْرِبَ لَك بِأَلْفِ سَهْمٍ، فَقَالَ : اضْرِبْ لِي بِسَهْمٍ وَلِفَرَسِي بِسَهْمٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ، فَلَمَّا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى تَفْضِيلِ الْفَارِسِ بِسَهْمٍ فَضَّلْنَاهُ وَخَصَّصْنَا بِهِ لِلظَّاهِرِ وَبَقِيَ حُكْمُ اللَّفْظِ فِيمَا عَدَاهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ غَيْلَانَ الْعُمَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْجَرْجَرَائِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا


الصفحة التالية
Icon