بَابُ الْبُكَاءِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾ وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى :﴿ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ﴾ وَفِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الْبُكَاءَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ مَدَحَهُمْ بِالْبُكَاءِ فِي السُّجُودِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ سُجُودِ الصَّلَاةِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَسَجْدَةِ الشُّكْرِ.
وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ قَالَ : سَمِعْت نَشِيجَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِنِّي لَفِي آخِرِ الصُّفُوفِ، وَقَرَأَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ سُورَةَ يُوسُفَ حَتَّى إذَا بَلَغَ ﴿ إنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إلَى اللَّهِ ﴾ نَشَجَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَقَدْ كَانُوا خَلْفَهُ، فَصَارَ إجْمَاعًا وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي وَلِصَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنْ الْبُكَاءِ ﴾.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾ يَعْنِي بِهِ أَنَّ بُكَاءَهُمْ فِي حَالِ السُّجُودِ يَزِيدُهُمْ خُشُوعًا إلَى خُشُوعِهِمْ وَفِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ مَخَافَتَهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى حَتَّى تُؤَدِّيَهُمْ إلَى الْبُكَاءِ دَاعِيَةٌ إلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ عَلَى مَا يَجِبُ مِنْ الْقِيَامِ بِحُقُوقِ نِعَمِهِ.
وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.