وَمِنْ سُورَةِ الْإِنْسَانِ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ ﴾ إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَأَسِيرًا ﴾ عَنْ أَبِي وَائِلٍ :" أَنَّهُ أَمَرَ بِأَسْرَى مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَأَمَرَ مَنْ يُطْعِمُهُمْ، ثُمَّ قَرَأَ :﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ ﴾ الْآيَةَ وَقَالَ قَتَادَةُ :" كَانَ أَسِيرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْمُشْرِكَ، فَأَخُوك الْمُسْلِمُ أَحَقُّ أَنْ تُطْعِمَهُ ".
وَعَنْ الْحَسَنِ :﴿ وَأَسِيرًا ﴾ قَالَ :" كَانُوا مُشْرِكِينَ " وَقَالَ مُجَاهِدٌ :" الْأَسِيرُ الْمَسْجُونُ " وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ :﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ قَالَا : هُمْ أَهْلُ الْقِبْلَةِ وَغَيْرُهُمْ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : الْأَظْهَرُ الْأَسِيرُ الْمُشْرِكُ ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ الْمَسْجُونَ لَا يُسَمَّى أَسِيرًا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي إطْعَامِ الْأَسِيرِ قُرْبَةً، وَيَقْتَضِي ظَاهِرُهُ جَوَازَ إعْطَائِهِ مِنْ سَائِرِ الصَّدَقَاتِ ؛ إلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا لَا يُجِيزُونَ إعْطَاءَهُ مِنْ الزَّكَوَاتِ وَصَدَقَاتِ الْمَوَاشِي وَمَا كَانَ أَخَذَهُ مِنْهَا إلَى الْإِمَامِ، وَيُجِيزُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ جَوَازَ إعْطَائِهِ مِنْ الْكَفَّارَاتِ وَنَحْوِهَا، وَأَبُو يُوسُفَ لَا يُجِيزُ دَفْعَ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ إلَّا إلَى الْمُسْلِمِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِيمَا سَلَفَ.
آخِرُ سُورَةِ الْإِنْسَانِ.