وَمِنْ سُورَةِ أَرَأَيْت الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ قَوْله تَعَالَى :﴿ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ ؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :" يُؤَخِّرُونَهَا عَنْ وَقْتِهَا "، وَكَذَلِكَ قَالَ مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ وَرَوَى مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ :" يَسْهُونَ عَنْ مِيقَاتِهَا حَتَّى يَفُوتَ ".
وَرَوَى إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ : هُمْ الْمُنَافِقُونَ يُؤَخِّرُونَهَا عَنْ وَقْتِهَا يُرَاءُونَ بِصَلَاتِهِمْ إذَا صَلَّوْا ".
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ :" هُوَ الَّذِي لَا يَدْرِي أَعْلَى شَفْعٍ انْصَرَفَ أَوْ عَلَى وَتْرٍ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَشْهَدُ لِهَذَا التَّأْوِيلِ مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ لَا غِرَارَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا تَسْلِيمَ ﴾، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ مِنْهَا عَلَى غِرَارٍ وَهُوَ شَاكٌّ فِيهَا.
وَنَظِيرُهُ مَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثْلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً أُخْرَى، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ فَالرَّكْعَةُ وَالسَّجْدَتَانِ لَهُ نَافِلَةٌ ﴾.
وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ : سَاهُونَ قَالَ :" لَاهُونَ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُمْ يَسْهُونَ لِلَهْوِهِمْ عَنْهَا، فَإِنَّمَا اسْتَحَقُّوا اللَّوْمَ لِتَعَرُّضِهِمْ لِلسَّهْوِ لِقِلَّةِ فِكْرِهِمْ فِيهَا ؛ إذْ كَانُوا مُرَائِينَ فِي صَلَاتِهِمْ ؛ لِأَنَّ السَّهْوَ الَّذِي لَيْسَ مَنْ فَعَلَهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ عَلَيْهِ.


الصفحة التالية
Icon